صيغة الشمري
تنشغل الصحافة الرياضية العالمية مؤخراً بأنباء برزت لأول مرة خلال مونديال قطر 2022 بشأن تعاقد نادي النصر السعودي مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وسط عدم تأكيد أو نفي من طرفي التعاقد. وبين مؤيد ومتخوف ورافض لفكرة التعاقد مع (الدون) إن كان لأسباب رياضية أو نظراً لقيمة الصفقة المتداولة والتي وصلت لنحو 200 مليون دولار سنوياً، تبرز في ذهني - وأنا لست محللة رياضية - صفقة رياضية غيرت مصير نادٍ ومدينة بأكملها في إيطاليا قبل 38 عاماً، وهنا أقصد صفقة انتقال أسطورة كرة القدم مارادونا إلى نادي نابولي الإيطالي.
قد يقول أحدكم إنها مقارنة في غير مكانها، فلا كريستيانو اليوم بمستوى مارادونا حين انتقل لنابولي ولا النادي الإيطالي بمستوى نادي النصر من حيث سجل البطولات، ولا يقارن الدوري السعودي بالدوري الإيطالي.. ولا نابولي المدينة في ذاك الزمان تقارن بالسعودية اليوم، لكن دعونا أكمل فكرتي ثم احكموا.
حين انتقل مارادونا إلى نابولي عام 1984 قادماً من برشلونة بصفقة بلغت 10،5 ملايين دولار وهي الصفقة الأغلى في ذاك الوقت، لم تكن صفقة رياضية بقدر ما كانت صفقة استثمارية، إذ لم يقتصر الأمر على البطولات الخمس التي أتى بها مارادونا إلى خزائن النادي وصعد به إلى قمة المجد الكروي متفوقاً على فرق القمة حينها، بل نهض بمدينة نابولي اقتصادياً خلال فترة قصيرة، وبعد أن كانت مدينة مهمشة أصبحت قبلة للسياح وانتعشت اقتصادياً وارتفع دخل سكانها وذاع صيتها عالمياً.
غاية القول؛ قد تبدو صفقة كريستيانو رونالدو ابن الـ37 عاماً مبالغاً بها لو نظرنا إليها من بعين واحدة، لكن برأيي للصفقة أوجه عدة ومآرب أخرى، قد لا يضيف رونالدو لنادي النصر رياضياً، لكنه قد يضيف للكرة السعودية وللمملكة عموماً، فهذا الرجل تتبعه عدسات المصورين حيثما يولي وجهه وبدا ذلك جلياً في كأس العالم حتى وهو جالس على دكة الاحتياط، كما أن لديه معجبين ومتابعين من شتى بقاع الأرض عطفاً على أنه الأكثر متابعة على منصات التواصل الاجتماعي وبذلك ستتجه الأنظار للدوري السعودي حيث يختتم أسطورة كروية مسيرته التاريخية، وستسلط الأضواء على المواهب الكروية التي يعج بها الدوري السعودي وينقصها التسويق، وهو أفضل حملة تنشيط للسياحة، والأهم بأنه سيكون سفيراً للمملكة لدى الجمهور الغربي الذي لم يتعرف على الثقافة والحضارة السعودية ولا يسمع عنها إلا قليل من الحقيقة وكثير من التشويه والتنميط. ولا يجب أن ننتظر كأس عالم آخر لنقدم أنفسنا للآخر، فاليوم في عمر الدول بعقد.
ورغم أنني هلالية حتى النخاع لكن ولأجل الوطن فقط أود أن تصدق الأنباء المتداولة حول صفقة انتقال رونالدو لنادي النصر، وكلي ثقة بأنه استثمار ناجح وفي مكانه والله أعلم.