خالد بن حمد المالك
نعم صدق، أو لا تصدق، فإن دولة كاملة السيادة تمنع مواطناتها من الدراسة في الجامعات، وتزيد على ذلك بزرع عناصر مسلحة لمنعهن من دخول الجامعات، بل وتتولى قواتها الأمنية إخراجهن من مساكنهن بالجامعات.
* *
حدث هذا في أفغانستان الدولة المسلمة التي يفهم نظامها الإسلام على غير حقيقته، ويشوهونه بمثل منع التعليم الجامعي عن الفتيات وغير ذلك من السلوك والتصرفات والأعمال التي تسيئ إلى الإسلام، وتحرم المرأة من حقوقها في التعليم.
* *
هذا السلوك سبقه قبل احتلال أمريكا لأفغانستان تدمير كل ما يشير إلى التراث والتاريخ في أفغانستان من مجسمات وغيرها عن حقب زمنية ماضية في تصرفات عبثية لا يقدم عليها من لديه وعيٌ واستيعابٌ وفهمٌ بحقيقة جوهر الإسلام الذي يدعو إلى التعليم.
* *
نظام طالبان الذي يُحْكِم السيطرة على الدولة الأفغانستانية، ويجعل من هذه البلاد وشعبها المسلم في وضع الدولة والشعب المعزولين عن العالم، هو من يريد أن يضيف إلى ذلك أن يجعل هذا الشعب جاهلاً، ومحدود التعليم، وأن المرأة خارج الحسابات في تعمير وتنمية البلاد.
* *
إنه قرار مؤسف، أن تُحرم المرأة الأفغانية من حقها في التعليم، وعن حريتها في اختيار المستوى الذي تريده في مواصلة تعليمها، وإنه لعار أن يفهم أن مثل هذا التصرف لا يعارضه الإسلام لأنه يصدر عن دولة إسلامية مع الأسف الشديد.
* *
وإن منع النساء في أفغانستان من حق التعليم، ومواصلته إلى مستويات عالية بحسب رغبتهن سواء في الداخل أو الخارج، هو منعٌ يخالف إجماع علماء المسلمين، وانتهاكٌ للأعراف الدولية، وسلوكٌ ينم عن جهل بحقوق المرأة الأفغانية وحقها في مواصلة تعليمها.
* *
وفي ظل هذا، فإن القرار إياه لا يستند إلى شيء في الشريعة الإسلامية، وإنما ينطلق من رؤية أحادية يقودها نظام طالبان دون أن يدرك أضرارها في عزلة المرأة من المشاركة مع الرجل في بناء الدولة التي أنهكتها الحروب بسبب مثل هذا التصرف الذي استغربته كل دول العالم، بما فيها الدول الإسلامية.
* *
وحسناً أن المملكة العربية السعودية سارعت في بيان لوزارة الخارجية باستغرابها وأسفها لقرار حكومة تصريف الأعمال الأفغانية بمنع الفتيات الأفغانيات من حق التعليم الجامعي، ودعوتها للحكومة للتراجع عن هذا القرار، لأن صدور مثل هذا البيان إنما يعزز حق المرأة في عدم قبول بما صدر من منع في مواصلة تعليمها، وبالتالي يفترض بالسلطات الأفغانية أن تتراجع عنه، خيراً لها وللبلاد من تماديها في فرضه بالقوة.
* *
ولنا بما صدر عن رابطة العالم الإسلامي من استنكار بمنع المرأة الأفغانية من مواصلة التعليم الجامعي الاقتداء، كون القرار يخالف هدي الإسلام، وإجماع علماء الأمة، ما يجعل الفرصة أمام نظام طالبان متاحة لإحقاق الحق في تعليم النساء بجميع مستويات التعليم.
* *
إن مجرد التفكير بمنع النساء من التعليم الجامعي في أفغانستان، فضلاً عن تطبيق هذا القرار، لا يعني في شيء، أكثر مما يعني أن حكومة تصريف الأعمال إنما تتجه إلى خلق الفوضى في البلاد، وإعادة وتيرة الخلافات من جديد، وربما خلق مناخ لحروب أهلية عانت منها الدولة كثيراً.