ميسون أبو بكر
الوطن ليس مساحة فحسب يعيش عليها الإنسان، وليس أوراقًا ثبوتية فقط، الوطن الذي يكبر بالإنسان وجهده وانتمائه، هو الذي يمنحه كرامة العيش والانتماء له، هو وطن ينشأ فيه الإنسان كما نخله وأشجاره، كما بحره وسمائه، يتنفسه ويكبر معه، يتعملق الوطن فيه كما دمه في شرايينه، هو أمنه وأمانه وملاذه، ولعلّ الخيبات التي مرت بها البلاد من حولنا رسمت لعزمنا وانتمائنا خريطة مختلفة؛ تتبّعنا خطى قادتنا حاملين الوطن راية تخفق عاليا ونبراسا يضيء من داخلنا.
لم يستطع غاشم أن يزعزع ثقتنا، أو يغير قناعاتنا، أو ينال من لُحمتنا، على قلب رجل واحد نحن، إن نادى لبّينا، وان ذهب للسلم جنحنا له، وإن ساءه أمر امتعضنا وهتفنا أننا لك ومن خلفك وعلى رأيك في كل قرار وحال.
أمور كثيرة دعتني لكتابة المقال، تساؤلات العالم ودهشتهم حول السعوديين وصلتهم بقيادتهم -ملكهم وولي عهده-؛ وأنهم جبل لا تهزه ريح الآثم الفاسد الذي يحاول زعزعة هذا الحب بكل الوسائل ولم يفلح، كأس العالم والتألق السعودي وترديدهم كلمات ولي العهد قبل المباراة والتي تحولت لتعويذة نصر، كيف لهذا القائد أن يملك عصا سحرية بهذه الرشاقة تضفي على حياة السعوديين نكهة الحياة والفرح والأمل والإصرار والتميز، هيت له كيف رسم خارطة للشباب الطموح وفتح أمامهم أبواب الحياة على مصرعيها والفخر كذلك.
أتعب السعوديون أولئك الذين يتربصون بهم؛ فتحوا قنوات شعبية على وسائل التواصل بغية تغيير البوصلة والتأثير وإذ بهم خاوي الوفاض، اتخذوا أمام الرأي العام قضايا باهتة بهّروها وصاغوها بشيطانية أهوائهم ولم تفلح، شكّل البعض في الخارج عصابات تقنع الفتيات باللجوء ثم الإساءة للمملكة من الخارج، وعادت بعض الفتيات إلى وطنها وقد كشفن عن ألاعيبهم وخباياهم وتلك العصابات التي تترصد بهن ليس لمساعدتهن بل للإساءة لوطنهن.
عندما ألحظ في دول عظمى أنه لا تجانس بين مجتمعها وشعوبها، ولا روابط كتلك التي أشعر بها في المملكة العربية السعودية يتهاوى إلى ذهني ألف سؤال ودهشة، وأعود لقراءة تاريخ هذه الأرض التي وحدها المؤسس الملك عبدالعزيز حين اجتمع رجاله حوله كرابطة العقد ثم تعملق الوطن ليكون قائده محور جاذبية هذا الشعب ومركزه.
هناك أوطان باردة تنام على صخرة قاسية؛ وأخرى تقف على فوهة بركان قد يثور في أي لحظة، لكن وطننا بنكهة الحياة وألوان الفراشات وهديل هذا الكون، هو عالمنا كله، وطن عصي على الانكسارات، كلما اشتدت المحن صلب عوده، وكلما علت أصوات الشياطين زاد بأس أهله وعزمهم وإيمانهم بالله.
تحية لجنوده المرابطين.. لرجال أمنه.. لمعلميه وأطبائه وإعلامييه ومفكريه.. لبائع شاي الكرك على بساطته، لسائق أوبر الذي تعرف من لهجته ان كان من قرية السحاب أو من جزر فرسان أو من نجد البهية، تحية لكل كبد رطبة تحيا على هذا الوطن وتشكل نسيجه، تحية لكل من أحبك يا وطني.