د. عبدالحق عزوزي
شاهد الرئيس الأمريكي جو بايدن مباراة المغرب وفرنسا في مونديال قطر، مشيداً بالأداء «الرائع» لمنتخب «أسود الأطلس» خلال البطولة، وقال بايدن، على تويتر بعد مباراة نصف النهائي: «لقد كان شرفاً عظيماً أن أشاهد المباراة إلى جانب رئيس الوزراء المغربي السيد عزيز أخنوش.. بغض النظر عن الفريق الذي تشجعه، فإن ما حققه هذا الفريق رائع»... وأرفق تغريدته بصورته وهو يجلس على كرسي ومحاط بقادة آخرين وأمامهم شاشة تبث المباراة.
وقبل أن يأخذ «استراحة» كرة القدم هذه، حرص الرئيس الأمريكي على تناول المباراة في خطابه أمام جمهور متعاطف إلى حد كبير مع أول فريق إفريقي وعربي يصل إلى هذه المرحلة من كأس العالم... واختصر خطابه خلال القمة قائلاً أمام حوالي خمسين رئيس دولة وحكومة من بينهم رئيس ليبيريا، جورج وياه نجم كرة القدم السابق: «أعلم أنكم تقولون لأنفسكم أوجز يا بايدن، هناك مباراة نصف نهائي بعد قليل، أدرك ذلك».
وقد عاش العالم أصداء صيحات نشوة الفوز والفرح ودوي أبواق السيارات وشظايا الألعاب النارية والمفرقعات ورفع الأعلام المغربية، بعد أن نجح المنتخب الوطني المغربي الوصول إلى دور نصف النهائي لأول مرة في تاريخه وفي تاريخ إفريقيا والوطن العربي، عقب تفوقه على منتخب البرتغال بهدف نظيف؛ وقبل ذلك استطاع الوصول إلى دور ربع نهائي «المونديال» بعد الفوز على المنتخب الإسباني.
نعم، إنهم الشباب المغاربة الذين أبهروا العالم، وأبرزوا قوة الماكينة المغربية والعربية والإفريقية وقدرتها على الفوز... نعم إنهم الشباب المغاربة الذين جعلوا كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين يحتفلون بهذا الفوز في القدس بباب المغاربة؛ وجعلوا رؤساء دول العالم يهاتفون ملك المغرب لتهنئته على هذا الفوز؛ وجعلوا رؤساء الشركات الكبرى من أمثال مالك شركة تويتر يهنئون المغاربة... إنهم أبناء المغرب الذين أدخلوا جميع البشر في تحالف نادر للحضارات، حيث وجد الناس من كل القارات أنفسهم في عرس بهيج وتاريخي في الهواء الطلق وداخل البيوت والمداشر والقرى البعيدة والساحات والعواصم والمدن الكبرى والصغرى متحدين في الكثير من الأحيان أحوال الطقس في كندا وأمريكا وأوروبا... أعلام المغرب في كل مكان ترفرف في الدوحة وأبوظبي ودبي والقاهرة وبغداد والرياض وجدة والكويت والأردن وليبيا وبيروت وغزة وباريس ولندن ومدريد وروما ومارسيليا وموريال وواشنطن والكوت ديفوار ونواكشوط والسنغال وكل إفريقيا...
يحسب للرئيس الأمريكي هاته الخطوة عندما شاهد مباراة القدم بحضور رئيس الوزراء المغربي، والتي من خلالها أفهم العالم قوة إفريقيا والوطن العربي من خلال منتخب أسود الأطلس الذي كان على أدائه إجماع عالمي، وعلى تصرفاته الأخلاقية إشادة عالمية، وفهم الرئيس الأمريكي أن الصداقات تتكون من خلال هاته الخطوات، وأنه يجب فهم واحترام ثقافة ودين الآخر... وهذا ما لخصته صحيفة الغارديان البريطانية، عندما كتبت منذ أيام إن ممارسة المغاربة لطقوس دينية أثناء مباريات كأس العالم «قطر 2022» وفخرهم بالإسلام «يجب أن يلهمنا جميعا». وذكرت الصحيفة في تقرير مطول، منذ أيام، أنه «قبيل ركلات الترجيح في دور الستة عشر بين المغرب وإسبانيا، تلا اللاعبون المغاربة سورة الفاتحة، وبعد تأمينهم العبور إلى دور ربع النهائي، ركض الفريق نحو الجمهور وقام بالسجود». وأشارت إلى أن المغاربة من خلال هذه الممارسات «لم يعلنوا للعالم فخرهم بكونهم مغاربة فقط، بل فخرهم بالإسلام أيضا، الذي ألهم احتفالات بنشوة النصر في جميع أنحاء العالم الإسلامي».
وأوضحت الصحيفة أن «رؤية اللاعبين المغاربة على تلفزيون عالمي وهم يطبقون تعاليم الله بتكريم أمهاتهم اللواتي كن يرتدين الحجاب، لم يكن جميلاً ومؤثراً وراقياً فحسب، بل كان مهماً ومبلوراً لجوهر المنافسة الدولية».
واعتبرت أن مونديال كرة القدم يعد فرصة «للتعرّف على الثقافات المختلفة والاحتفال بالتنوع لجعل العالم مكانا أفضل».
ما قام به الرئيس الأمريكي وهو يشاهد مباراة المغرب مع فرنسا كان ذلك في إطار قمة أمريكية - إفريقية احتضنتها منذ أيام في واشنطن، وشارك فيها نحو 50 من القادة الأفارقة؛ إذ تحاول الولايات المتحدة تدارك تأخر وجودها الفاعل في القارة الإفريقية وإيقاف المد الصيني والروسي في هاته القارة التي يتعدى عدد سكانها المليار نسمة ويشكلون 15 % من سكان العالم، وللحديث بقية.