أ.د.عثمان بن صالح العامر
احتفل العالم يوم الأحد الماضي 18 ديسمبر باليوم العالمي للغة العربية والتي تواجه في عالم اليوم بل منذ زمن ليس بالقريب تحديات عدة واتهامات لا حصر لها ولا عد ولعل أبرز اتهام وُجِّه للغة العربية عبر تاريخها الطويل هو: عجزها عن مواكبة التطور البشري الصناعي منه والتقني والفكري والعلمي والاقتصادي والسياسي، وعدم صلاحيتها لمجاراة الخطاب العالمي المعاصر الذي ينطق ويكتب باللغات الحيَّة الأخرى المعروفة خاصة الإنجليزية - اللغة الدولية الأولى بامتياز -، ولذا كثيراً ما طرح المستشرقون ومن دار في فلكهم العامية - المحكية، باعتبارها البديل الأنسب للكتابة الثقافية والتواصل المجتمعي مع جعل اللغة الإنجليزية وأحياناً الفرنسية لغة رسمية في المحاضن والمراكز والمنتديات التعليمية، والاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات الدولية، بل وأحياناً في المخاطبات الرسمية والدوائر الحكومية، وعلى هذا فاللغة العربية كانت وما زالت في تحد حقيقي خاصة:
- مع التسارع المهول في التقدم العلمي الطبي والهندسي والصناعي والتقني الذي قفز قفزات خيالية في عصر العولمة الذي نحياه.
- وكذا عجز الترجمة للعربية الوفاء بمتطلبات المرحلة.
- فضلاً عن تخلف العقل العربي وعدم مقدرته السبق الحضاري الذي ينعكس بدوره سلباً أو إيجاباً على لغتنا العربية.
وفي عالمنا المعاصر قيل لنا إن العولمة الثقافية ستلغي الثقافات الهشة وتميت اللغات الضعيفة وفي نفس الوقت ستتوارى عدد من اللغات الحية ليبقى لغة واحدة هي فقط السائدة والمؤثرة والفاعلة، ويأتي الجواب من لدن مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد الأمين ناقضاً لهذه الظن في لغتنا العربية، فها هي رؤية المملكة 2030 تناهض وتعارض إبعاد العربية عن مجالات الحياة المستقبلية، وها هو مجمع الملك سلمان يبشر بتحول كبير في مسار تسويق العربية وجعلها منافسة قوية للغات السيادية العالمية، حاضرة في المحافل الدولية.
إن المحافظة على الهوية الثقافية والاعتزاز بالذات الحضارية معلم بارز من معالم شخصيتنا الوطنية والتي يؤكد عليها ويثبت مصدقيتها أفعال قادتنا قبل أقوالهم ومبادراتهم النوعية المتميزة ولا أدل على ذلك من وجود (مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية)، إحدى المبادرات الاستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة.
وهذه المبادرة الاستراتيجية المأمل منها أن تعيد للعربي وللمسلم الثقة بلغته، التي ستصبح بإذن الله منافساً حقيقياً في ميادين التأليف والتدريس والصناعة والتقنية والتطوير ودمت عزيزاً يا وطني، ودامت لغة العربية حية فعَّالة محفوظة بحفظ الله عزَّ وجلَّ لكتابه الكريم ثم بوجود قيادة تجيد فن الريادة والسيادة الحقة وتعلم أهمية اللغة في السبق والتمكين العالمي فضلاً عن جهود وإنجازات أبنائها وتقدم وتطور ونهضة بلادها. وإلى لقاء والسلام.