عبد الله سليمان الطليان
الجمال صفة تلحظ في الأشياء وتبعث في النُّفوس سرورًا أو إحساسًا بالانتظام والتّناغم، وهو أحد المفاهيم الثلاثة التي تُنسب إليها أحكام القيم: الجمال والحقّ والخير، عكسه القبح: الجمال بلا طيبة لا يساوي شيئًا، جمالٌ بلا حياء وردة بلا عطر...، يتضح مما سبق ان هناك من يحصر الجمال في المظهر الخارجي فقط، نقول هذا يمكن أن ينطبق على جزء وقتي ولحظي لا يدوم، نشبهه بالغلاف المبهر الذي يتآكل مع الوقت ويذهب بريقه أو لمعانه، إن الجمال الحقيقي هو الجمال الداخلي الذي يبقى إلى نهاية العمر ويظل حتى بعد الموت، متمثلاً في الأخلاق والتي منذ القدم وهي حديث الأنبياء والصالحين والمفكرين والشعراء والفلاسفة الذين اخذت منهم حيزاً وسعاً في الطرح وعمقاً واسعاً في التحليل على اختلاف انتمائهم وعقائدهم.
في التعريف بالفلسفة الأخلاقية في الموسوعة، تتضمن تنظيم مفهومي السلوك الصائب والخاطئ، وتعريفهما، والتوصية بهما. والأخلاقيات متممة لمفهوم الجماليات، وتعني الأخلاقيات في الفلسفة السلوك الأخلاقي لدى البشر، وكيف ينبغي عليهم التصرف. وتقسم هذه الأخلاقيات إلى أربعة مجالات دراسية رئيسية:
* الأخلاقيات العليا، وتتعلق بالمعنى النظري للافتراضات الأخلاقية ومرجعيتها، وكيف يمكن تحديد القيم الحقيقية لها (إن وُجِدت).
* الأخلاقيات المعيارية، وتتعلق بالأساليب العملية لتحديد نهج أخلاقي للأفعال.
* الأخلاقيات التطبيقية، وتتناول كيف يمكن تحقيق النتائج الأخلاقية في مواقف معينة.
* الأخلاقيات الوصفية، وتُعرَف أيضًا بالأخلاقيات المقارنة، وهي دراسة معتقدات الناس فيما يتعلق بالأخلاق.
يعتبر سقراط وارسطو وغيرهما من الفلاسفة اليونانيين من دعاة اخلاقيات الفضيلة لهم آراء واسعة في هذا الجانب ولن نسلط الضوء عليها، فنحن نملك في ديننا أعظم قيم الأخلاق، في القرآن الكريم نجد في البداية نصيحة لقمان لابنه في قوله تعالى {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} تمثل تلك الحكم أرقى الأخلاقيات، والتي جاء بعدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم تلك الأخلاقيات المستمدة من كتاب الله وكان يتصف بها والتي شكلت أساساً مهماً في دعوته, عندما قال: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ) وقوله صلى الله عليه وسلم (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ).
إن الأخلاق الحسنة هي السمة المميزة التي تعطي للإنسان وقار واحترام ومهابه، يدرك أهميتها صاحب اللب المستنير بنور الله، ذي البصيرة الثاقبة قوي الإدراك والفطنة.
يقول الشاعر أحمد شوقي:
صلاح أمرك للأخلاق مرجعة
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
ويقول الشاعر محمود الأيوبي:
والمرء بالأخلاق يسمو ذكره
وبها يفضل في الورى ويوقر