صلاح عبدالستار محمد الشهاوي
قالوا عن اللغة العربية
طائفة من أقوال الفلاسفة والمفكرين والشعراء عن اللغة العربية في اليوم العالمي للغة العربية
من عمق الدين والوطنية أن يهتم المرء بلغته، والاهتمام باللغة العربية يمتاز عن اللغات الأخرى، فالاعتناء بالعربية دليل الدين، والتمسك به، والغيرة عليه، ودليل الوطنية أيضاً، لأن اللغة العربية هي وعاء الدين، وهو وعاء شريف ونبيل، لأنه وعاء القران الكريم، وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
والعرب من أكثر الأمم اهتماماً بلغتهم فقد كانوا في صفاء عصورهم الفصحى يصرون على الدقة في اللغة، ويؤاخذون على التهاون فيها، تقريعاً أو تأنيباً أو تبكيتاً. وهم بهذا يؤكدون أهمية حماية المكتسب في اللغة من دقة وغني، لأنهم يعرفون مدي أهمية اللغة لحياتهم ومجتمعهم وحضاراتهم.
وليس العرب فقط هم من اهتموا بلغتهم، فلقد اهتم بها طائفة كبيرة من مفكري وفلاسفة الغرب وأفردوا في كتاباتهم وتأليفهم الكثير من الأقوال التي تشع حباً وتكريما للغة العربية.
وهذا ما أجبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العشرين عام 1973م إلى إصدار قرار باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية المقررة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية، وفي عام 2010م قررت الاحتفال بالأيام الدولية للغات الرسمية الست المعتمدة لديها، وتبع ذلك أن أصدر المجلس التنفيذي لليونسكو قراراً في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام ????م بأن يكون يوم 18 من ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً للغة العربية.
واللغة العربية لغة عالمية بشهادة فلاسفة ومفكري الغرب والعرب وهذه طائفة من أقوال هؤلاء المفكرين والفلاسفة والشعراء والمستشرقين عن اللغة العربية:
- ماض مجيد ومستقبل باهر
قلّ منا نحن الغربيين من يقدّر اللغة العربية حق قدرها. لقد كان للعربية ماض مجيد، وفي تقديري سيكون لها مستقبل باهر. (المستشرق الأمريكي ريتشارد كوتهيل، ت: 1978م)
- لغة التكيف وفق مقتضيات هذا العصر
إن اللغة العربية من اللين، والمرونة، ما يمكنها من التكيّف وفق مقتضيات هذا العصر، وهي لم تتقهقر فيما مضى أمام أية لغة أخرى، من اللغات التي احتكّت بها. وستحافظ على كيانها في المستقبل، كما حافظت عليه في الماضي. (المستشرق الأمريكي وليم ورل. ت: 1977م)
- أغني لغات العالم
ليست لغة العرب أغني لغات العالم فحسب، بل الذين نبغوا في التأليف بها لا يمكن حصرهم. (المستشرقة الألمانية أولويكه فريتاغ. ت: 1988م)
- اللغة العربية منذ بدايتها على درجة من الكمال
اللغة العربية تبدو لنا بكل كمالها، ومرونتها، وثروتها التي لا تنتهي لقد كانت هذه اللغة منذ بدايتها على درجة من الكمال. إن انتشار اللغة العربية ليعتبر من أغرب ما وقع في تاريخ البشر كما يعتبر من أصعب الأمور التي استعصى حلها؛ فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ ذي بدء، فبدت فجأة على غاية الكمال سلسة غاية السلاسة، غنية أي غنى،... وإن اللغة العربية - ولا جدال - قد عمت أجزاء كبرى من العالم
(المؤرخ والكاتب الفرنسي إرنست رينان. ت: 1892م)
- من أكثر اللغات انسجاماً
إن اللغة العربية من أكثر اللغات انسجاماً، وكلما تعمق المرء في دراسة العربية تجلت له أمور جديدة، واتسعت أمامه الآفاق وثبت له أن القرون الوسطى لم تعرف الأمم القديمة إلا بواسطة العرب، وأن العرب هم الذين مدنوا أوروبا في المادة والعقل والخلق (المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون. ت:1931م)
- اللغة العربية مصقولة بشكل غير معهود
اللغة العربية من حيث البنية، لغة مطّردة، ومصقولةٌ بشكل غير معهود ويجب أن تسهم العوامل التالية في سهولة تعلمها.. أنّ الأفعال كلّها مطّردة.. أما التركيب فمطرد إلى حد بعيد. (الأمريكي ديفيد جستس. ت: 1989م)
- الحروف العربية مرنه سهلة
إن حروف العربية مرنة سهلة، لها في النفوس ما للصور من الجمال الفني (المستشرق واللغوي إدوارد دينسون روس. ت: 2001م)
- خطا شائع عن اللغة العربية
من الخطأ الشائع أن نظن أن اللغة العربية فقيرة لا تصلح لبحث الأمور المعنوية فعلى العكس يندر أن نجد لغة أخرى كاللغة العربية تصلح لأن تكون وسيلة للتعبير عن الفلسفة القديمة وحكمة الأولين (المستشرق الألماني ثيودور نولدكه. ت: 1930م)
- لغة التعبير العلمي
استطاعت اللغة العربية أن تبرز طاقة العرب في معالجة التعبير عن أدق خلجات الفكر سواء كان ذلك في الاكتشافات العلمية والحسابية أو وصف المشاهدات أو خيالات النفس وأسرارها. واللغة العربية هي التي أدخلت في الغرب طريقة التعبير العلمي.. والعربية من أنقى اللغات .
لذلك باستطاعة العرب أن يتفاخروا على غيرهم من الأمم بما في أيديهم من جوامع الكلم، التي تحمل من سمو الفكر وأمارات الفتوة والمروءة ما لا مثيل له. (المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون. ت:1962م)
- سحر اللغة العربية
كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرَها الفريد، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة (المستشرقة الألمانية زيجريد هونكة. ت: 1999م)
- من خصائص اللغة العربية
إن من أهم خصائص العربية قدرتها على التعبير عن معان ٍ ثانوية لا تعرف الشعوب الغربية كيف تعبر عنها (المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير. ت: 1973م)
- امتياز
العربية أكثر لغات الأرض امتيازا (المستشرق الأمريكي كرنيليوس فانديك. ت: 1895م)
- تفوق سائر اللغات
اللغة العربية تفوق سائر اللغات، رونقاً وغنى، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها (المستشرق الايطالي كارلو نلينو. ت: 1938م)
- اللغة العربية حية حياة حقيقية
أن اللغة العربية لا تزال حية حياة حقيقية، وهى واحدة من ثلاث لغات استولت على سكان المعمورة استيلاء لم يحصل عليها غيرها، الانجليزية الاسبانية أختاها تخالف أختيها بأن زمان حدوثهما معروف ولا يزيد سنهما على قرون معدودة أما اللغة العربية فابتداؤها أقدم من كل تاريخ (المستشرق الانجليزي ديفيد صمويل مرجليوث. ت: 1940م)
- المجاز احد خصائص اللغة العربية
إن أحداً لا يقدر أن يترجم القران إلى غير العربية، كما ترجمت الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية، وترجمت سائر كتب الله إلى العربية، لأن العجم لم تتسع في المجاز اتساع العرب في لغتهم.
(عالم اللغة ابن فارس. ت: 1004م)
وتعليقا على مقولة ابن فارس نقول: والواقع يصدق هذه المقولة. فانا لم نجد أحداً استطاع نقل القران الكريم إلى غير العربية منذ نزل، بل لا نجد أحداً يستطيع أن ينقل الأساليب العربية في سائر الكلام إلى اللغات الأخرى عن طريق التطابق والتماثل وإنما ينقلون المفاهيم نقلاً عاماً.
- مستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن
اللغة مظهر من مظاهر قوة الابتكار في مجموع الأمة، أو ذاتها العامة فإذا هجعت قوة الابتكار توقفت اللغة عن مسيرها، وفي الوقوف التقهقر. وفي التقهقر والموت والاندثار.
ومستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن- أو غير الكائن- في مجموع الأمم التي تتكلم اللغة العربية. فإن كان ذلك الفكر موجوداً كان مستقبل اللغة عظيما كماضيها، وإن كان غير موجود فمستقبلها سيكون كحاضر شقيقتيها السريانية والعبرانية.
(جبران خليل جبران. ت: 1931م)
- تأثير لغة الأقوياء على الضعفاء
لما كان العرب فاتحين قابضين على زمام السيادة والسياسة والعلم على عهد العباسيين في بغداد كانت تعابيرها وكلماتها وكثير من مصطلحاتها متغلغلة بين ألسنة الفرس، والترك، والهنود، وهم أقرب الشعوب إلى بغداد من حيث الصلة الجغرافية والأدبية والدينية كما كانت مفرداتها شائعة في إيطاليا وصقلية على عهد الفاطميين والأدارسة، وبني تغلب في برقه، وفاس، والقيروان، والقاهرة. وقد نفذت مصطلحاتها العلمية في قلب اللغة الفرنسية والإسبانية لمّا كان العرب ذوي الحول والطول في الأندلس، وليس شيوع المفردات العربية في اللغات الفارسية والتركية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية إلى اليوم إلاّ مثالاً من أمثلة تأثير لغة الأقوياء على الضعفاء، والمتقدمين على المتأخرين، والغالبين على المغلوبين.
(عباس محمود العقاد. ت: 1963م)
- لغة مرسلة ومستقبله
اللغة العربية لم تفقد هويتها يوما من الأيام، وما زالت حتى اليوم لغة مُرسلة ومستقبلة، وفي هذه وتلك حافظت على هويتها وثقافتها وحضارتها برغم المحاولات المتتابعة التي يبذلها البعض لطمس هذه الهوية وإرغام العربية على استقبال مفردات وتراكيب لا تتوافق مع خصوصيتها الصياغية والدلالية، متناسين امتلاك العربية للبدائل الصالحة لاستيعاب مفردات الحضارة في هذا الزمن كما استقبلتها في أزمنتها المتتابعة وجعلتها عنصرا من مكوناتها اللغوية.
(د. محمد عبدالمطلب)
وختاماً:
قال المتنبي:
لغتي وأفخر إذْ بُليتُ بحبها
فهي الجمال وفصلها التبيان
عربية لا شك أن بيانها
متبسم في ثغره القرآنُ
وكذلك، تغنى الشاعر علي الجارم بالفصحى، فهي التي علمته سحر البيان، حتى إن حسنها يعجز عن وصفه الشعراء، فهي سرّ الحسن، ولغة الفن الرائق، لأنها أقدم من التاريخ ذاته، فيقول:
يا ابنة السابقين من قحطانِ
وتراث الأمجاد من عدنان
أنتِ علمتني البيانَ فمالي
كلما لُحتِ حارَ فيكِ بياني؟
ربَّ حُسنٍ يعوقُ عن وصف حُسنٍ
وجمالٍ ينسي جمال المعاني
يا ابنة الضادِ أنتِ سرٌّ من الحسن
تجلى على بني الإنسان
لغة الفن أنتِ والسحر والشعر
ونورُ الحِجَى ووحيُ الجنانِ
أما الشاعر عبده بدوي فيرسم في قصيدته (اللغة والبلبل) صورة تشكيلية تاريخية واعية للعربية بعطورها الفواحة، وخيالها الذي يأسر القلوب. فهي عنده دوحة ظليلة لمحبيها، وهودج العشق لأمتها، وقصة الأبطال الذين نافحوا عنها، حتى تنزّل بلسانها القرآن الكريم:
تابعتُ عطركِ في صحراء أجدادي
ودرتُ حولكِ في صمتي وإنشادي
مازلتُ أذكرُ حرفًا فيه وسوسة
من الجِنان، ومن تفاحها النادي
قد كنتِ دوحة بانٍ أنبتتْ رجزًا
قُرْبَ الخيام التي شُدّت بأوتاد
وكنتِ هودج عشقٍ فيه زلزلةٌ
فالحب رغم التأسي رائحٌ غادي
وكنتِ قصة فرسان قد انهمروا
وأصبحوا والأماني عند ميعاد
حتى تدفق فيكِ الوحي مبتهجًا
فأصبح الكونُ- كل الكون- في الضادِ
اللهَ يا فجرها فاضت قداستهُ
بالنور في «كعبة» بالشعر في «النادي»
وهاهي ذي تتكلم على لسان شاعرها المكي مصطفى زقزوق في قصيدته «اللغة العربية» فتقول مفاخرة بروعة بيانها ودلائل إعجازها، وتفردها بين اللغات:
منحتكَ قُرْبي والحروفُ مضيئة
بروعة آياتٍ وتغريد طائر
منحتكَ ما عندي، فلم يبقَ غيرهُ
خلائقُ من نُبلٍ وأمجاد غابري
وفوق جبيني أمةٌ عربيةٌ
مُفاخرةٌ بالضادِ عن لهو ساخرِ
** **
- عضو اتحاد كتاب مصر