د.محمد بن سليمان القسومي
اليوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، يأتي بذكرى جميلة لدى محبي العربية؛ فهو اليوم الذي اعتمدت فيه اللغة العربية لغة رسمية، ضمن اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة.
ومن فضل الله علينا في المملكة العربية السعودية اهتمام قادتها بلغة القرآن الكريم، وتمكينها، ودعم مؤسساتها؛ فقد كان لبلادنا السبق في المطالبة باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في منظمة الأمم المتحدة، وفي هذا العهد الزاهر أنشئ مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ "للمساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميًّا وعالميًّا ... وليسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية (أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030)".
واختيار (مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية) محوراً لهذا العام 2022م، يوحي بأنها من أهم اللغات العالمية من حيث الانتشار، والإنتاج الفكري، ويؤكد أثرها في حفظ تراث العرب، ونشر الحضارة الإنسانية، وتعزيز التواصل بين الشعوب. ولا غرابة في ذلك؛ فهي ذات ماض زاخر بالسبق العلمي والفلسفي والأدبي، وهي لغة حيّة، متطورة، متفتحة على ثقافات الأمم والشعوب التي سبقتها. ولما تتميز به من مرونة وقدرة على التواصل؛ رأينا تراثنا العربي يأخذ من الحضارات القديمة، ويؤثر في الحضارة الغربية الحديثة.
والحقيقة أن اللغة العربية كانت ومازالت وسيلة مهمة لبناء العلوم والمعارف وتداولها؛ فهي لغة الحضارة الإسلامية التي تعد من أكثر الحضارات القديمة أثراً، وأعمقها ثقافة، فقد انتشرت ثقافتها شرقاً وغرباً من خلال اللغة العربية التي كفل الله لها الخلود، حين أنزل بها كتابه العزيز.
والتواصل بين الحضارات أساس مهم لبناء حياة آمنة وعالم متقدم. وقد برهنت الأزمة التي عاشها العالم مدى الحاجة للتواصل والتعاون بين ثقافات العالم المعاصر.
ومن المهم أن تنهض مجامعنا اللغوية في عصر التدفق المعلوماتي الذي نعيشه، وتنشط لمواكبة التطور اللغوي لفصحانا المعاصرة، من خلال النظر في مضامين العلوم والآداب، وتيسير الأساليب؛ فإن هذا مما يساعد على انتشارها في جميع الألسنة في هذه المرحلة التاريخية المهمة التي أصبحت وسائل التواصل الحديثة ذات أثر كبير في تشكيل ثقافة الأجيال الجديدة.