عثمان بن حمد أباالخيل
أحفادنا من الذكور والإناث يكبرون، يكبرون بآمالهم وتطلعاتهم ونظرتهم للمستقبل، ونحن رغم كبرنا في السن نصغر عن هذه الآمال وتنحني ظهورنا وتخوننا قواتنا وأسماعنا وأبصارنا. هذه سنة الحياة لا بل هذه سنة الله بخلقه. أحفادنا يدفعوننا إلى الأمام ليأخذوا مقاعدنا التي جلسنا عليها سنوات، أحفادنا لا يشعرون بما نشعر حين يساعدوننا لنقف على أرجلنا التي تهتز، أحفادنا يضحكون حين ترتعش أيدينا ونحن نشرب الماء. أحفادنا الكبار يملّون حين نعيد عليهم قصص الماضي عدة مرات إنه النسيان. الأحفاد يغضون حين نعاملهم وكأنهم ما يزالون صغاراً حتى وإن كان لهم أبناء. هم لا يدركون معنى الشيخوخة، هم لا يعلمون أن الشيخوخة معناها في أغلب الأوقات كثرة الأمراض مثل الخرف، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، هم لا يدركون كلما شاخت الخلايا، كلما تراجعت قدرتها على القيام بوظائفها. وفي النهاية، فإن الخلايا الهرمة يجب أن تموت، كجزء طبيعي من وظيفة قيام الجسم بوظائفه.
أحفادنا يلعبون يمرحون ويتركوننا نتذكر كيف كنا نلعب في الزمن الجميل، مفارقات كثيرة وتطلعات مع اختلاف الزمن والتربية. هي ليست غصة بالقلب بل وجع ينحر الروح وغصة تحرق العمر، ومواقف تهز إنسانيتنا. هناك من كبار السن حين يسمع بعضاً من أحفاده عندما يقول حين أكبر أريد أن أكون، ولسان حال كبار السن ماذا يقولون. ألا يدرك الأحفاد إن الاهتمام وتفاصيل بسيطة، هما ما يحتاجه كبار السن من قبل الأحفاد، وقد تغيب عنهم أحياناً، إلا أنها تضفي السعادة والبهجة على قلوبهم. ألا يدرك الأبناء والبنات إن المساهمة في تربية أطفالهم من قبل أجدادهم يبعد عنهم شبح الوحدة القاتلة بالرغم من أنهم محاطون بالكثير مما يقدرونهم. هُمْ يكبرون ونحنُ نصغُر ونخاف مما تخفيه الليالي. ألا يدرك الأبناء والبنات الأمان والاستقرار الأسري لأبنائهم، ويمنحهم التواصل مع أصولهم ويهديهم النصيحة المغلفة بالحنان والعطف، والمدعمة بالخبرات السابقة حين يتعاملون مع أجدادهم وجداتهم. ألا يدرك الأبناء والبنات إن هناك من الأحفاد من يتمنى أن تعيش جدته طويلاً، ويتمنى ألا يرى فيها شيئاً يؤذيها.
همسة في أذن الأبناء والبنات لا تعرفوا حجم الفرح والسعادة على الأجداد والجدات حين يُقبِلون ويضحكون ويلعبون مع أحفادهم من الذكور والإناث إنهم يسترجعون ذكرياتهم معكم حين كنتم أطفالاً، إنهم يسعِدون مشاعرهم التي أصبحت شجرة عطشى لتروي عطشها من مرور السنين. كما يقال أحلى من العسل في بيت الجد والجدة، كل شيء متاح، وكل فعل مباح، (ما أعز من الولد إلا ولد الولد). مقولة شهيرة يعيشها الأجداد مع أحفادهم، ليكونوا بمثابة الحضن الدافئ لهم وصمام الأمان وهمزة الوصل والقلب الحنون الذي ينشر الفرح والسعادة. العلاقة بين الجد والجدة والأحفاد لا يعرفها الأبناء والبنات إلا بعد حين، حين يصبحوا أجداداً وجداتٍ.
همسة: (الجدان أو أحدهما في البيت يمنح الأحفاد شعورًا بدفء الحنان).