عبدالعظيم العويد
عندما يموت فلان نسأل أسرته، فيقولون عنه: إنه كان محبًا للخير، ممتلئًا بالعطف والرفق والشفقة على الجميع، ثم نسأل عنه جيرانه ومحبيه، فيقولون عنه: لقد كان يحسن إلى الفقراء، وكان محبًا للمساكين، وكان يقدم المساعدات للمحتاجين، ولم يقصر يوماً مع أحدنا..
وكأن الحي ليست له محاسن، فمنذ أن عقلت وعرفت الحياة وتعرَّفت على الناس وفتحت عيناي على الدنيا الجميلة وأنا أسمع مقولة: «اذكروا محاسن موتاكم» ولا أذكر كثيرًا من الناس أنهم ذكروا محاسن أحيائهم في حياتهم.
ويبقى بعض الناس في الدنيا كرصيف مهمل، لا يلتفت إليه أحد، فإذا مات فاضت المحابر والحناجر والعيون بالود المتأخر، وبعض الود والاعتذار المتأخر فاقد لنصف قيمته كقهوة باردة لا فائدة منها..
أيها الأحياء وردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أزهى من باقة كاملة على قبره، وكما تذكرون محاسن موتاكم، فلا تنسوا أن للأحياء محاسن تُذكر وتُشكر، فتحدثوا إليهم وعبروا عن مشاعركم الآن قبل وفاتهم، فهناك نفوس كأنها مقبرة لا تقبل ولا تدبر ولا تحب ولا تتقبل ولا تحتضن إلا الموتى فقط!
كتب أحد الكتَّاب عن حياة الشاعر والوزير غازي القصيبي -رحمه الله تعالى - قائلاً: «عندما غضب عليه البعض في حياته ثم رضي عنه الجميع بعد مماته، فهل كان الموت شرط الرضا عليه؟»