عبود بن علي ال زاحم
في ظل السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية القائمة على استقلالية القرار والمبنية على تنويع الصلات الدبلوماسية مع جميع الدول، وتحقيق المصالح الوطنية وحمايتها، وتعزيز دورها المحوري المتنامي في إحلال الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم، وفي إطار حرصها على إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى، باتت الرياض محطة رئيسية مفصلية للدبلوماسية الدولية باستقبالها العديد من رؤساء الدول والحكومات، آخرها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الخميس الماضي، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تعزيزاً للعلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين.
لم تكف وسائل الإعلام العالمية عن الحديث عن القمم الثلاث (السعودية - الصينية، العربية - الصينية، والخليجية - الصينية) التي استضافتها الرياض (الجمعة)، وشكلت خارطة مصالح متبادلة ومشتركة، وأسست لمرحلة جديدة من علاقات السعودية ودول المنطقة مع الصين، بحضور الملك سلمان والرئيس الصيني، ومشاركة أكثر من ثلاثين قائد دولة ومنظمة دولية.
لقد جسدت هذه القمم النقلة النوعية التي تحققها الدبلوماسية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، إذ كان الغرض الأساسي لها هو بناء الشراكات لخدمة اقتصاد المملكة والخليج والدول العربية ورفع نسبة التوظيف في السعودية، حيث وقع الملك سلمان، والرئيس الصيني شي جين بينغ، على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، وتوقيع أكثر من 40 صفقة واتفاقاً ومذكرات تفاهم تقدر قيمتها بنحو 30 مليار دولار.
ففي ختام القمة السعودية الصينية، أكد الجانبان عزمهما على تعزيز التعاون بينهما من خلال اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، لتحقيق الأهداف المشتركة، وزيادة حجم التبادل التجاري غير النفطي وتسهيل صادرات المملكة غير النفطية إلى الصين، وزيادة حجم الاستثمارات النوعية المتبادلة بين البلدين. واتفقا على تعزيز العمل للاستفادة من الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة، وتكثيف التواصل والزيارات بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين، وزيادة سعة رحلات الناقلات الجوية، وتحفيز الشراكات الاستثمارية بين القطاع الخاص في البلدين، وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة وداعمة في إطار رؤية المملكة 2030، ومبادرة «الحزام والطريق»، وذلك عبر تعميق التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك صناعة السيارات، وسلاسل الإمداد، والخدمات اللوجستية، وتحلية المياه، والبنى التحتية، والصناعات التحويلية، والتعدين، والقطاع المالي.
ختاماً، لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نرفع التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - بمناسبة نجاح القمم السعودية والخليجية والعربية الصينية للتعاون والتنمية، مما يؤكد قدرة الدبلوماسية السعودية على حشد التحالفات، وإقامة الشراكات الاقتصادية على أسس متينة، تضع المملكة العربية السعودية في مكانها الذي تستحقه في ريادة الاقتصاد العالمي، وتخدم جميع دول وشعوب المنطقة.