عبدالمحسن بن علي المطلق
كأن الحياة زادت خشونتها.
والدليل أن كلّ أمسى مُنادياً بالرفق، بالذات مع القلوب..، فقد استساغت هذا المرام العرب، وعلى لسان أحد شعرئها «دوقلة المنبجي»:
ضدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا
وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
وحقيقة وأرجو أن لا أكون (مبالغاً) أن الحال اليوم كذلك.. إلا ما شاء الله، فلذلك زادت الدعوة لتلك البغية، ولا عجب، أيها الصحب:
أقولها حقيقة لا تعذيراً من أن/
حياتنا مادت لكفّة الخشونة، فـ(مادياتها) شبه طغت، أدركت أن أحوالها فاضت عن التحمّل، كذا تلفاه بادياً لدى الجملة من البشر.
وعلى هذا تكون ( زيادة) تلك الدعوات- أقصد التي تنشد الرفق- مُعززة، أو شبه مبرّرة.
فمن بربكم يدقق بما يجول حوله يجد السلام قلّ، والتواصي على البر تلاشى، والنصح يكاد يندثر، و... فالله المستعان.
وللمفردة الأخيرة ما يبرر، فقد قالها سيدنا يعقوب عليه السلام في موقف مشابه {... وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}، وما حالنا اليوم ببعيد.
بالطبع لا أُحب ولا حتى أحبذ.. نشر اليأس.
وإلا لوجدت (بخاصة إن أغرقت) موبخاً من حديثٍ -يردعني ..وربي-: (من قال هلك الناس، فهو أهلكهم)، صدقت يا سيّدي يا رسول الله، صلى الله عليه وسلّم.
لكنّي أروم بكليماتي دعوة إحياء رامس لكأنه تخلل علاقاتنا، وأطّ على تواصلنا، إلا ما شاء ربنا.
نموذج.. حتى لا يُظنّ بي أنني أستجلب شياء قبل أوانه، ومعاذ الله أن أفعل، وخذوا النموذج (وأحسبها كُثر..) لمن ألقى سمعه وراعى ذاك.. في «أدوات التواصل» معرفته/
..(خاطبوا القلوب برفق..
فالكلمات الجميلة نهر يداوي ظمأ القلوب، ولا ريب فقد قال صلى الله عليه وسلم »إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع عن شيء إلا شانه»..
ما جاء في الآية {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، لوجدنا العجب، فمثلاً بما قاله الشيخ السعدى-رحمه الله -/
«أي: سهلاً لطيفاً، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف، ولا غلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال
ثم استرسل: (لَعَلَّهُ) بسبب القول اللين (يَتَذَكَّرُ) ما ينفعه فيأتيه، (أَوْ يَخْشَى) ما يضره فيتركه، فإن القول اللين داع لذلك، والقول الغليظ منفّر عن صاحبه، وقد فسر القول اللين في قوله: {فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}، فإن في هذا الكلام، من لطف القول وسهولته، وعدم بشاعته ما لا يخفى على المتأمل.