د. إبراهيم بن جلال فضلون
في وقت يواجه العالم صدمات واسعة النطاق، منذ كوفيد 19 وتوابعها، فالحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من مشاهد التضخم والفائدة وارتفاع أسعار موارد الطاقة والنفط ومخاوف من ركود عميق، تأتي الميزانية العامة للدولة القوية (السعودية) كأحد عناصر سياسة الحكومة في تطوير منهجية إعداد الميزانية العامة، ووضعها في إطار مالي واقتصادي شامل على المدى المتوسط، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي، والتخطيط المالي لعدة أعوام.. استكمالاً لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتبني سياسات مالية تحقق الاستقرار والاستدامة للميزانية العامة للدولة في عام 2023م بقفز الإيرادات إلى 1.130 مليار بفائض 16 مليار ريال، هو أول فائض منذ ميزانية عام 2013. حيثُ كانت التوقعات أن يصل الفائض في ميزانية السنة الحالية 90 مليار ريال، أي نحو 24 مليار دولار.
لقد بلغ الفائض 102 مليار ريال (حوالي 27 مليار دولار) حسبما أفادت وزارة المالية في بيان، بعدما وصلت الإيرادات إلى 1234 مليار ريال والنفقات إلى 1132 مليارا. وبالنسبة للعام المقبل، تتوقّع المملكة أن تبلغ الإيرادات 1130 مليار ريال والنفقات 1114 مليارا، أي أن تحقق فائضا يبلغ 16 مليار ريال (نحو 4 مليارات دولار) بحسب وزارة المالية وتنفيذها في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030.. الميزانية العامة مستقبلاً وعلى المدى المتوسط، عبر البرامج والمبادرات والمشاريع الإستراتيجية ذات البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وفقاً للاستدامة المالية، وعرضها بشفافية أمام الجميع، لاطلاعهم على أهم التطورات الاقتصادية المحلية والدولية المؤثرة. حيث سجلت الميزانية العامة فائضاً بنحو 14.14 مليار ريال في الربع الثالث من 2022، بعد أن وصلت الإيرادات نحو 301.87 مليار ريال، مقابل مصروفات بلغت 287.73 مليار ريال.. وسجلت الميزانية السعودية منذ بداية العام الحالي حتى نهاية الربع الثالث إيرادات بنحو 950.19 مليار ريال مقابل مصروفات نحو 800.65 مليار ريال، مسجلة فائضاً نحو 149.54 مليار ريال.
وتجاوز الفائض 135 مليار ريال في النصف الأول من 2022، شملت 57.5 مليار ريال، في الربع الأول من 2022، و77.9 مليار ريال، في الربع الثاني. وشهد إجمالي الإيرادات في النصف الأول من 2022، ارتفاعاً بنسبة 43 في المائة، إلى 648.3 مليار ريال، مقابل 452.8 مليار ريال، في النصف الأول من 2021.. مقابل بلوغ إجمالي المصروفات الفعلية للربع الثاني من 2022، نحو 292.4 مليار ريال، مقابل 292.45 مليار ريال، في الربع الثاني من 2021، بزيادة 16 في المائة. فيما بلغ حجم مصروفات النصف الأول من 2022، وبلغت قيمتها 512.9 مليار ريال، مقابل 464.9 مليار ريال، في الفترة المقابلة من 2021، بزيادة 10 في المائة.
ورغم الفوائض، إلا أن الحكومة ستستمر في الاقتراض المحلي والدولي، بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام 2023م، فقد قدرت وزارة المالية السعودية في بيانها التمهيدي أهم المؤشرات المالية والاقتصادية في سبتمبر الماضي، الإيرادات بنحو 1123 مليار ريال، والنفقات بـ1.114 تريليون ريال، بفائض 9 مليارات ريال، وتوقعت أن تبلغ إيرادات العام الجاري 1.222 تريليون ريال والنفقات 1.132 تريليون ريال، أي بفائض 90 مليار ريال، ليصل إجمالي الإيرادات لعام 2025م حوالي 1.205 تريليون ريال، والنفقات نحو 1.134 تريليون ريال.
إذاً، نجحت الحكومة في تحقيق الهدف الأساسي من الإصلاحات المالية في مرحلتها الأولى (برنامج التوازن المالي)، للسيطرة على معدلات العجز المرتفعة وصولاً إلى توازن مالي على المدى المتوسط، وبالتالي المحافظة على مؤشرات مالية مستدامة في المرحلة الثانية (برنامج الاستدامة المالية)، لتدعيم التغير الهيكلي اقتصادياً لتحقيق مستهدفات الرؤية، وضمان المحافظة على مستويات مستدامة من الدين العام والاحتياطيات الحكومية.
ومن هنا جاءت التوقعات الإيجابية للاقتصاد السعودي للعام 2023م، مدعوماً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بشراكة القطاع الخاص، والانفتاح على العالم الخارجي كالشراكة الأخيرة مع الصين في القمة الثلاثية أي القمم الثلاثة مع دولة بحجم الصين تجارياً واقتصادياً، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسن الميزان التجاري للمملكة، بمعدلات نمو إيجابية، وذلك بفضل التدابير التي اتخذتها الحكومة من خلال سياسات وإجراءات لاحتواء معدلات التضخم العالمية، وهو ما خلق نوعاً من اليقين والطمأنينة لدى المواطنين.