الكثير من الناس يجهل المعنى الحقيقي لعقوبة التعزير والحدود والقصاص ولا يستطيع التفرقة بينها وبالأخص عندما يحكم (يقتل حداً لا قصاصاً) يقف الشخص متسائلاً ما الفرق بين القصاص والحد؟ سأعرض بشكل مختصر مقارنة بين عقوبة التعزير والحدود والقصاص، تعرف عقوبة (التعزير): بأنها عقوبة غير مقدرة تجب على كل معصية لا قصاص فيها ولا حد، بينما عقوبة (الحدود): هي محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقاً لله تعالى، أما بالنسبة لعقوبة (القصاص): فهي عقوبة تقع على المعتدي على النفس أو ما دونها من البدن ومقدرة وتجب حقاً للفرد. من حيث (تقدير العقوبة): فالحدود والقصاص لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان فهي مقدرة على عكس التعزير فهي عقوبة غير مقدرة تتفاوت على حسب الجاني وجرمه وإصلاح الجاني. ومن حيث (وجوب إقامتها): فالحد يجب أن ينفذ ويُقام اتفاقاً بين الفقهاء على عكس التعزير فلدى جمهور الفقهاء أنه واجب كالحد إذا كان في حق من حقوق الله وإن كان لحق آدمي فلا يجب. ومن حيث (تحديد من تجب عليه): فالحد والقصاص تجب على المكلَّف ولا يجوز إقامتها على القاصر على عكس التعزير يجوز إقامتها على القاصر إذا كانت تأديباً له لا عقوبة. ومن حيث (الإثبات والشبهة): فالحدود والقصاص لا يجوز الإثبات إلا بالشهادة والإقرار ولا محل لشبهة فيها على عكس التعزير فإثباتها واسع وإذا وجدت شبهة يمكن العمل فيها. ومن حيث (العفو): فالحدود لا تسقط بالعفو ولا يجوز لولي الأمر أن يعفو عنها على عكس القصاص يجوز العفو عنها لأنه متعلق بأولياء الدم كذلك العقوبة التعزيرية إذا كان حقاً للأشخاص يجوز العفو وإذا كان حقاً لله لا يجوز العفو. ومن حيث (الشفاعة): ففي التعزير الشفاعة جائزة أما بالنسبة للحدود فتختلف فهي جائزة ومستحسنة لدى المجني عليه -قبل الترافع- إلى أولي الأمر وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني فقد وجب) أما -بعد الترافع- فالشفاعة غير جائزة بإطلاق. مثال على الحدود (الحرابة، القذف، السرقة)، مثال على التعزير (غسل الأموال، الرشوة)، مثال على القصاص (القتل العمد، الجروح).
وأختم هذا المقال بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (سورة النحل آية90)، فتبيَّن لنا من هذه الآية عدالة الإسلام وحرصه على إعطاء كُل ذي حقًّ حقّه.