«الجزيرة» - الاقتصاد:
بدأت أمس في الرياض جلسات ملتقى ميزانية 2023م، الذي تنظمه وزارة المالية، في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك»، بمشاركة عددٍ من أصحاب السمو والمعالي والمسؤولين.
وشارك في الجلسة الأولى التي تحمل عنوان «الاستدامة المالية ومحركات النمو الاقتصادي»، معالي وزير المالية الأستاذ محمد الجدعان، ومعالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل بن فاضل الإبراهيم، ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي عمار الخضيري.
وأكّد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان خلال مشاركته في الجلسة أن رحلة الميزانية بدأت من برنامج التوازن المالي, وكان هناك تحديات كبيرة إذ بلغ العجز قبل 5 سنوات تقريباً 15 % من الناتج المحلي المالي للميزانية, وسحبنا خلال عدة سنوات ما يتجاوز تريليون ريال.
وأوضح معاليه أن الهدف من التوازن المالي كان الوصول إلى الصفر من العجز وجرى تحقيقه مع تحقيق فائض, كما حدثت خلال السنوات الخمس إصلاحات هيكلية, مفيدًا أن الإيرادات غير النفطية كانت تغطي فقط 10 % من الإنفاق وفي نهاية 2021م غطت 40 % من الإنفاق, مبيناً أن الاعتماد على الإيراد ذي مصدر متذبذب خطر وهو ما أدى إلى العجوزات السابقة.
وأفاد معاليه أنه جرى الانتقال من برنامج مرحلة التوازن المالي إلى برنامج الاستدامة المالية المخطط له على مدى 3 سنوات وقد يمتد إلى 10 سنوات, حيث يضم برامج وخطط كثيرة من ضمنها رؤية المملكة 2030م, مبيناً أن الإنفاق أصبح معتمداً على إستراتيجيات وليس على طلب الجهات من الوزارة دون طرح إستراتيجية متفق عليها.
وبيَّن الجدعان أن المواطن هو العنصر الرئيس, والعمل الذي جرى خلال السنوات الماضية ساعد في تحسين الخدمات للمواطنين ورفع كفاءتها ورفع العائد من الريال, وكان هناك اهتمام وحرص كبير من الحكومة في ظل التقلبات التي حصلت مثل جائحة كورونا وأزمة روسيا وأوكرانيا وما نتج عنها من نقص في الإمدادات.
وأشار معالي وزير المالية إلى أن المملكة اتخذت خطوات استباقية لوضع سقف لأسعار الطاقة, وأن السبب الرئيسي للتضخم هو أسعار الطاقة, حيث جرى دعم شركة أرامكو السعودية بعشرات المليارات كتعويض مقابل البيع بسعر أقل من السعر العالمي لتجنب تصدير التضخم للاقتصادي السعودي, مبيناً أنه جرى ضخ 20 ملياراً لتوفير دعم للمستفيدين من الضمان الاجتماعي وحساب المواطن ومربي الماشية, مؤكداً أن الوفرة أهم بكثير من ارتفاع الأسعار خلال مرحلة التضخم, كما جرى تطمين التجار لاستيراد ما يكفي للتأكد من وفرة المخزون. ونوَّه معاليه بأهمية القطاع الخاص كونه يوفر وظائف وخدمات لأبناء وبنات الوطن, وهو عنصر رئيس تعتمد عليه المملكة للوصول إلى حصة كبيرة من كمية الإنتاج المحلي, مشيراً إلى أهمية تمكين القطاع الخاص من خلال تعزيز الإصلاحات الهيكلية وتغير الأنظمة وتوفير بيئة تشريعية تسهم في تنمية القطاع الخاص, مبيناً أن استقرار عملية الميزانية مهمة، ونشرت الوزارة البيان التمهيدي في وقت سريع لإعطاء فرصة للقطاع الخاص بأن يستثمر ويخطط كون الاستثمارات تحتاج إلى وقت, مفيدًا أن 99 % من مدفوعات القطاع الخاص من الحكومة دُفعت خلال 15 يومًا في عام 2022م.
وقال الأستاذ الجدعان: «إن الاقتصاد السعودي جزء من العالم يؤثر ويتأثر ويجب اتخاذ إجراءات لحمايته، وما حدث في مرحلة جائحة كوفيد 19، دليل واضح على انتقال المملكة إلى مرحلة مختلفة في العمل الحكومة المتقن سواء في إدارة الحدث أو التواصل معه بشكل واضح بين الحكومة والقطاع الخاص والتعامل الاقتصادي البحت في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتمكين القطاع الخاص والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية وغيرها, وأن ما حدث خلال الـ 12 شهرًا من ارتفاع للأسعار وتدخل الحكومة الاستباقي يدل على نظرة مختلفة في العمل الحكومي.
بدوره، قال معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل بن فاضل الإبراهيم: «إن المواطن محور في التحول الذي نشهده اليوم والغاية من رؤية المملكة 2030 هي توفير فرص للمواطنين فلا نستطيع تحقيق تلك المستهدفات من دون تمكين المواطن»، مبيناً أن المملكة واقتصادها مرتبط بمنظومة الاقتصاد العالمي فنؤثر بما نؤثر به ونتأثر بما يتأثر به. وبين معاليه أن رؤية المملكة 2030 مبنية على إستراتيجيات ومستهدفات تم البدء فيها قبل أكثر من ست سنوات، فالميزانية تدعم الاستمرار في تنفيذ وتحقيق هذه الرؤية، مفيدًا أن من عوامل النجاح هي التخطيط الاقتصادي بعيد المدى والمقرون بالتخطيط المالي على المستوى المتوسط، مبيناً أن الميزانية حالياً مستقلة نوعاً ما خاصةً في هذه المرحلة التي تمهد فيها الاستخدام القواعد المالية هي سعر النفط وهذا جانب من جوانب الاستقلال أو تنويع مصادر النمو وهي أحد أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030 .
وتطرق معاليه إلى دور الصناديق التنموية وبالأخص صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني، إذ تعمل في المرحلة الانتقالية بشكل كبير على إحداث حراك اقتصادي وتنويع اقتصادي وتمكين القطاع الخاص حيثُ إنها متستقلة عن الدعم من الميزانية وهذا التخطيط نجم عن رؤية المملكة 2030 .
وأوضح الأستاذ الإبراهيم أن القطاع الخاص هو المحرك الأساس للاقتصاد فكل الإستراتيجيات تتمحور حول دعم وتمكين القطاع الخاص لأهميته في الحراك الاقتصادي، مشيراً إلى أن القطاع الخاص هو الشريك الإستراتيجي الأول وهو المحور الأهم في تنويع مصادر النمو.
وبيَّن معاليه أن نسبة مشاركة القطاع الخاص في المملكة قبل رؤية المملكة 2030 كان أقل من 40 % والآن وصل إلى 43 % والمستهدف في نهاية 2030 هو 65 %، منوِّهاً بدعم وتمكين القطاع الخاص ومجابهة التحديات التي تواجهه وقياس أثر التشريعات وتطبيقها، مبيناً أن من أدوار القطاع الخاص هي الأنشطة غير النفطية، حيث نمت في بداية العام حتى نهاية الربع الثالث بنسبة 5.9 % وهي من أسرع معدلات النمو في الأنشطة غير النفطية في أكثر من 11 سنة الماضية. من جانبه، أوضح رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي السعودي عمار الخضيري، أن من المكتسبات التي تحققت في العام الماضي 2022 كانت استثنائية إذا قارناها مع نسب النمو بالمملكة مع دول مجموعة العشرين G20، مؤكداً أن تلك الأرقام تُعد استثنائية بالطبع ولم نر لها مثيلاً منذ زمن طويل.
وأشار الخضيري إلى تحقيق معدلات نمو أكثر قبل 15 سنة وكان الفرق الأساسي تلك الحقبة هو النمو الذي كان يعتمد تماماً على الإنفاق الحكومي بعكس الآن الذي يعتمد بشكل مباشر على نمو القطاع الخاص، مبيناً أن في العام 2022 أضيفت 500 ألف وظيفة للقطاع الخاص تمثّل ارتفاع 16 %، و100 ألف عقد تمويل عقاري مدعوم وتعد هذه العقود لها آثار إيجابية على المواطن والمنظومة الاقتصادية جميعاً، وما يُقارب 700 ألف امرأة دخلت سوق العمل، ونمو 10 % في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عام واحد. وبيَّن أن الـ4 عقود ماضية شهدت تفاعلاً إيجابياً بين القطاع البنكي ومخططات الدولة وما تركز عليه، مستشهدًا بالشراكة التي نجحت بين صندوق التنمية الصناعي والبنوك ودورها في نمو القطاع الصناعي بالمملكة.