عبدالرحمن الحبيب
يعد التواصل الاجتماعي بين الناس ضرورياً لرفاهيتهم وصحتهم العقلية وتحسين مستوى معيشتهم، ولكن على الرغم من تلك الأهمية، إلا أن هناك أبحاثاً نادرة، توفر بيانات حول شعور الأشخاص المتصلين، وكيف يتواصلون مع الآخرين، ومن منهم يعاني من الوحدة أو عدم القدرة على الوصول إلى الدعم من الآخرين عندما يواجهون الصعوبات في الحياة.
تشير الدراسات القليلة إلى أن الذين يستخدمون وسائل الإعلام الاجتماعي ما هو إلا لتلبية احتياجاتهم الاجتماعية كما يتصورون، ولكن عادة ما يصابون بخيبة أمل، حيث يخلط الناس بين استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية مع التواصل الحقيقي، كما تكشف شيري تاركل في كتابها «وحدنا معاً»، فالذين يعيشون في وحدة يحتاجون إلى الإنترنت للحصول على الدعم العاطفي، لكن هذا يسبب مشاكل لأنها تتعارض مع «الحياة الاجتماعية الواقعية».
كيف تؤثر الروابط البشرية المباشرة والافتراضية على حياة الناس في شتى أنحاء العالم؟ وما مدى شعور الأشخاص بالوحدة والاتصال والدعم الاجتماعي؟ وما تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي؟ بمن يتواصل الناس؟ وكيف يتواصلون؟ هل يتواصلون عندما يحتاجون إلى المساعدة والدعم؟ وممن يحصلون عليه؟ وكيف؟
لاكتشاف الإجابات عن هذه الأسئلة، عُملت دراسة تغطي سبع دول، تم خلالها سؤال الأشخاص عن عدد المرات التي تفاعلوا فيها مع الآخرين في ست فئات على مدار الأسبوع الماضي: الأصدقاء أو العائلة الذين يعيشون معهم أو بالقرب منهم، الأصدقاء أو العائلة الذين يعيشون بعيدًا، الجيران أو الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منهم، أشخاص من العمل أو المدرسة، أشخاص من مجموعات ذات اهتمامات أو معتقدات مشتركة، الغرباء أو الأشخاص الذين لا يعرفونهم.
الغالبية في جميع البلدان قالوا إنهم تفاعلوا مع الأصدقاء أو العائلة الذين يعيشون معهم أو بالقرب منهم مرة واحدة على الأقل يوميًا، وكانت أعلى المستويات المبلغ عنها في البرازيل (78 في المقابل) ومصر (77 في المقابل). في حين كان الناس في الهند أقل احتمالاً للتفاعل اليومي مع الأصدقاء أو العائلة القريبة (58 في المقابل)، بينما كانوا الأعلى في التفاعل مع الأصدقاء أو العائلة الذين يعيشون بعيدًا (42 في المقابل).
الدراسة قامت بها مؤسسة غالوب مع مجموعة ميتا في البرازيل، ومصر، وفرنسا، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، والولايات المتحدة.
غالبية الأشخاص قالوا إنهم يشعرون بأنهم مرتبطون «جدًا» أو «إلى حدٍّ ما» بالناس، على عكس القلة الذين قالوا إن ارتباطهم بالآخرين كان «قليلاً» أو «معدوماً». بطبيعة الحال، البلدان تختلف في درجة الارتباط فقد قال أكثر من ثمانية من كل 10 أشخاص في مصر (87 في المقابل) وفرنسا (82 في المقابل) وإندونيسيا (81 في المقابل) إنهم يشعرون بالارتباط مع الآخرين، مقارنة بأغلبية أصغر بكثير في المكسيك (65 في المقابل) والبرازيل (53 في المقابل).
كيف يتواصل الناس؟ سألت الدراسة أيضًا الأشخاص عن سبع طرق للتواصل: الاتصال الشخصي، والمكالمات الهاتفية أو الصوتية، ومكالمات الفيديو، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وألعاب الواقع الافتراضي عبر الإنترنت.
في جميع البلدان باستثناء إندونيسيا والهند، أفاد أكثر من 60 في المقابل من الأشخاص باستخدام طريقتين أو أكثر للتواصل مع الناس يوميًا على الأقل، مع ارتفاع هذا الرقم إلى 80 في المقابل في الولايات المتحدة و75 في المقابل في فرنسا و70 في المقابل في البرازيل.
وجدت الدراسة أيضًا أن الأشخاص الذين يتفاعلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر كانوا أكثر عرضة للتفاعل الشخصي بشكل متكرر أيضًا.
هل يتواصل الناس عندما يحتاجون إلى المساعدة؟ قال ما لا يقل عن ثلث الأشخاص في جميع البلدان السبعة، إنهم بحاجة إلى دعم أو مساعدة من شخص ما «غالبًا» أو «أحيانًا» خلال الثلاثين يومًا الماضية، مع استجابة الأغلبية بهذه الطريقة في مصر (69 في المقابل) وإندونيسيا (61 في المقابل).
بالمقابل، كان الأشخاص في الهند (38 في المقابل) وفرنسا (36 في المقابل) على الأرجح يقولون إنهم «لم يطلبوا أبدًا» المساعدة في الثلاثين يومًا الماضية.
أكثر المساعدات كانت تأتي من فئة الأصدقاء والعائلة، في حين أن مصر وإندونيسيا تفاعلوا مع آخرين للحصول على الدعم أو المساعدة من معظم الفئات الست المذكورة في المقدمة.
على النقيض من ذلك، كانت المكسيك وفرنسا على الدوام من بين أقل النسب المئوية من الأشخاص الذين قالوا إنهم تفاعلوا مع الآخرين للحصول على الدعم أو المساعدة من كل فئة.
كما كانت التفاعلات الشخصية المباشرة والمكالمات الهاتفية أو الصوتية من بين أكثر الأوضاع شيوعًا التي يستخدمها الأشخاص للتفاعل مع الآخرين لطلب الدعم أو المساعدة.
هذه النتائج تلقي ضوءًا جديدًا على تواصل الأشخاص وكيف يفعلون ذلك، والعوامل المرتبطة بمشاعر الاتصال، كما أنها تسلط الضوء أيضًا على مجموعات محددة قد تعاني من مستويات أعلى من الوحدة أو قدرة أضعف على الوصول إلى الدعم والمساعدة من الآخرين.
هذا سيساعد في تزويد الحكومات والمؤسسات الاجتماعية والشركات الخاصة بنوع جديد من المعرفة حول الأشخاص المعرضين للخطر اجتماعيًا، وكيف يمكن لمن هم في وضع اجتماعي اقتصادي ضعيف أن يزدهروا بدعم أفضل من خلال الشبكات الاجتماعية. لكن هذه الدراسة بالكاد تخدش سطح تعقيدات كيفية تواصل البشر مع بعضهم البعض، حسب تعبر الباحثين في الدراسة الذين أوضحوا أن ثمة بيانات أكثر من 140 دولة من المقرر إصدارها العام المقبل.