علي الزهراني (السعلي)
وجدوا الفاصلة مغشية عليها على رصيف سطر ، كان حولها مجموعة من الحروف تتكأكأ عليها ، حاولت الاستفهام أن تنعشها ، فتحت حقيبتها ، أخرجت حبرا وبعضا من الأوراق المسطرة، ردتها وأخذت البيضاء فبدأت تهوي عليها في وجهها، هززتها من دائرتها بالكاد فاقت متعبة سردت على الحاضرين سبب سقوطها
أبصرت حرفين يتمايلان كل منهما على الآخر وهما في فرح شديد، يتراقصان على أنغام قطرات المطر، صوت كل واحد منهما أجمل من الآخر ولعلي أتذكر نتفا مما يقولونه:
أنا حرف أموت بطيفك
وأنت زهرة تزهو في عينيّ
أنا السيّد في جلباب قومٍ
وأنا بنت السيّد تعال وانظر
في خديّ
أنا من دونك لا شيء
وأنت لي كل شيء
هنا قفز اللام ضاحكا: بل تذكرت كل شيء يا فاصلتنا وتجاوزت الحدين!
ابتسم الجميع مطالبين منها أن تكمل:
أنا أرقبهما على مهل، مبتسمة ضاحكة كأنني معهما قاطعها الألف:
هذه يا فاصلتنا المحترمة لا تستقيم، كيف ترقبينهما وأنت معكوفة الدائرة؟!
ردت عليه بسخرية التاء: أنت أصلا إن استطعت فانثني يا قائما لا يسجد! قهقه الجميع مستمعين لما تخبر به السيدة المحترمة:
فجأة وسط هذا المرح والكثير من الفرح هبط عليها ورق كثيف كثير وكأنها مجتمعة تصفق لهما!
توقفا للحظات، حضنا بعضهما والدموع تنهمركالمطر افترقا في نهاية المجلّد، بقي في الحاشية قريبا من المتن بقليل الآخر منهما يمضي حزينا وخلفه نقطة تلاحقه متلصصة حتى باغتته بطعنة غادرة فلا أعلم ماذا حصل بعد ذلك، شعرت بدوار البحر ساقطة!
قال أحد المجتمعين:
ربما لا يزال حيّا فلننقذه
قال آخر: على الأغلب فارق الحياة
جاء حرف من أقصى السطر يسعى يا معشر الحروف هلموا لقد وجدت حرفا في رعشات الموت، اتجهوا جميعا إليه وهو يقول:
قولوا لحبيبتي أني أحبها كزيد أعشقها كامرئ القيس أهواها كـ «عمر بن ربيعة» وفارق الحياة وطفق المكان يخصف عليهم من ورق التوت، وجدوا آخر ورقة منها حرفين كتب عليها فاء وعين.
سطر وفاصلة
أعدك أن أكون فوق كل ورقة أصرخ بحبك
تحت كل سمائك وردة تزهو لثمري
أعدك أن أكون سيفا على يمينك
صدرا حنونا لقلبك
طيفا بألوانه يلمع في عينيك
أعدك أن أكون برقا لمن حاول المساس بك
رعدا لكل من مرر حرفه لـ فيكِ
رصاصة في ظهر من يلمحك
أنت ثورة العشق، أسطورة الغرام
فأعدك أن أحميك مني لأجلك