سهوب بغدادي
«إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه» بحسب ما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالعلم هو الحصيلة والهدف والتعلم الوسيلة المؤدية له ومن خلال التعلم تتأتى المعرفة خلال العملية أو بعدها، فلطالما شجعنا الطلاب على تعلم مهارة أو علم أو لغة أو حرفة جديدة، والجميع يتفق على ذلك دون أدنى شك، ولكن هل سمعتم عن مهارة عدم التعلم؟ ولا يقصد بها الجلوس وعدم التطور وإغلاق الفكر، إنما المقصود التخلي عن غير النافع في وقتك الحالي، فهناك العديد من الأمور التي كانت مفيدة في وقتها ولكنها لم تعد ذات فائدة أو أهمية في وقتك الحالي، كما تدخل أمور ومعطيات متعددة في عملية عدم التعلم، كأن تترك موقعاً للتصميم سخرت فيه وقتك وجهدك لتعلم وفهم دهاليزه ومن ثم تتركه وتتعلم غيره متغاضياً عن مميزاته لأجل مميزات وفوائد أكبر من تلك الأولى، ونرى هذه المهارة لدى المصمم الداخلي والمحاسب والمترجم وغيرها من المهن التي تتطلب آليات وآلة لتسهيل أو توضيح أو شرح العمل، فيما يعد عدم تعلم أو نسيان عادة سيئة أجمل من كل ما سبق، على سبيل المثال: من يحب منصة للتواصل الاجتماعي أو لعبة عبر الانترنت ومن ثم يتركها متناسياً مهاراته التي اكتسبها فيها ووقته، ليقوم بأمر آخر أهم بالنسبة له في هذه المرحلة، فالمسألة ليست صواباً أم خطأ بل منوطة بالأولويات، وبلا شك إن الأولويات لا تبقى ولا تستمر على ذات الوتيرة طوال العمر، بل تتبدل وتتشكل بحسب المحيط والظروف والأشخاص المتداخلين في حياة الإنسان، وعن الحديث حول الأشخاص، فيتحتم على الشخص أن يعي تماماً أن مراحل العمر تحمل لنا أشخاصاً قد يختلفوا ويتبدلوا بتبدل وتحور الأولويات، فلا ضير من تفعيل مهارة عدم تعلم الألم المرتبط بالتوقف على أطلال العلاقات والصداقات والأشخاص، فيكتفي بالامتنان لما فات والاستمتاع بالحاضر بما فيه، والاستعداد للقادم، وكل هذه الأمور تدخل في رحلة البحث عن الذات فعندما تجدها، ستعرف متى تتعلم وتعلم متى تتألم، ومتى تتمسك ومتى تحيد عن مسار تقليدي، فلا تهمك التقليعات، ولا تغريك الموجات الغامرة، رحلة سعيدة.