عبدالمحسن بن علي المطلق
.. أو كذا كان، أعني به صاحبنا/
فهد (.. بن سليمان الجربوع) رحمه مولانا.
تمضي الدنيا بحلوها ومرها .. فتنفرط من بين أصابعنا أيامها بلا استئذان.. أجل.
نعم قد نتجرّع مرها، كما أسعدنا منها حلوها، ولا غرابة.. إذ هذا سلمها، وعليه- دون توثيق منّا لذلكم- تسالمنا معها، لأن لا خيار لنا عن توافق معها على هذا، وإلا لمادت بخطاها دون انتظار لنا، ولا حتى اكتراث بما قد يصدر منّا إزاء صنيعها.
لكن أن تصل المرارة لشيء دانٍ منك، وكان من قريبٍ يخالطك على طعم من مداعبات وضحكات منّا، حتى لنكاد نسهو..
(آه ...) كم هو الرحيل مفجع.. موجع.
لا يكاد يمس ناصية المحب الفاقد إلا ويهرمُ، وإن كان ريعان الشباب منه جديدُ.
مضى «أبو رائدٍ» إلى ربه، ذاك الذي كان يلوّن (قروبنا) بما يقع عليه ليضمّنا إلى صحبة أنس مما يروق ويختار
فينادم بعضنا ممن يتفق معه مع طرافة أحايين لا يخفيها لأن ذاتهُ تأتي على سليقة سنائه مع من قد يخالفه، بإشفاق لا إغراق ولا إسفاف، وحاشاه (رحمه الله) تلك الدركة.
ودّعنا بلا سابق إنذار، بل كمن عنوةً آثر الصمت كي لا يضايق أحداً، ولا يمايز باهتمام قد يطاله من أحدٍ عن آخر
ذهب إلى مثوى نسأل الله أن يكون فيه بنعيم مقيم، مثلما نرجو له في الآخرة جنة نعيم.
فهو ممن (جمعتنا) به نوعية من الصحبة التي أنشئت نفسها لا على سابق إعداد، أو ترتيب نحلته ، بل أتت عفوية.. فكانت علائق تلكم الصحبة تمضي أعنتها على سجية لا تكلّف فيها، فضلاً عن مواعيد مضروبة، كما ولا شيء من معتبة تلحق المقصّر فيها.
وعلى هذا كان الرجل من نوعية من تتعرّف عليها لتسايرك بعفويتها، فلا تماد، ولا أحمال.. ربما تُقبل بمواقف أو من نوعيات سوى نوعية من مثله فما تذكره إلا باسماً ملاطفاً.. أغناه الله ببساطة كانت له مغنماً ليمليها على من حوله حتى بدت زهيّةً من قِبله للقاصي قبل الداني.
كانت فلم يفرّط بها، ومن - بربكم- ذا الذي يصبغه ربه بخير فلا تجده ظاهراً عليه، وفي حديث (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن..كأن في طيّ -النص- توبيخاً لمن لا يفعل.
صدقت سيدي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم..-، فرحمة الله على رفيقٍ ماسّ لطائفه جلّ الصحبة.. ذات يوم.