«الجزيرة» - الاقتصاد:
جاءت الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2023م داعمة لاستمرار الاستدامة المالية واستكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الهادفة إلى تقوية الموقف المالي للمملكة وتعزيز مرونة الاقتصاد ومواكبته للمتغيرات العالمية المتسارعة. كما تسعى الحكومة إلى مواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع والاستراتيجيات الداعمة للنمو وتوسيع القاعدة الاقتصادية، وتحقيق التنمية الشاملة بوتيرة متسارعة.
ويشهد اقتصاد المملكة تنامياً في دور الممكنات الاقتصادية الداعمة لنمو القطاع الخاص على المدى المتوسط والبعيد. ويأتي على رأس تلك الممكنات المساهمة التنموية الفعالة التي يقوم بها كل من صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني، لما لهما من دور مكمل لما ينفق عليه من الميزانية في إطار متسق ومتكامل.
وفي بيان لوزارة المالية أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي منذ بداية العام 2022م حتى نهاية الربع، حيث شهدت الأنشطة النفطية نمواً بمعدل 0.19 %نتيجة لارتفاع إنتاج النفط حتى الربع الثالث من العام الحالي التزاماً باتفاقية أوبك+، كما شهدت الأنشطة غير النفطية نمواً بمعدل 8.5 %مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ويعزى ذلك إلى استمرار جهود الحكومة الهادفة لرفع كفاءة الاقتصاد المحلي وتنويع قاعدته الإنتاجية بتفعيل دور القطاع الخاص وتمكينه لتحقيق النمو المستدام في الاقتصاد المحلي. وتشير التقديرات الأولية لعام 2022م إلى تحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالتقديرات السابقة حيث يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.8 % مدفوعاً بالنمو في الناتج المحلي الأنشطة النفطية والنمو في الناتج المحلي الأنشطة غير النفطية والذي من المتوقع أن يسجل 9.5 %في ظل الأداء الإيجابي الملحوظ للمؤشرات الاقتصادية خلال العام الجاري.
ومن المتوقع أن يصل متوسط معدل التضخم إلى 6.2 % بنهاية عام 2022م في ظل الظروف العالمية الاستثنائية.
هذا وتشير التقديرات الأولية لعام 2023م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 1.3 %مدعوماً بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي الأنشطة غير النفطية، حيث من المقدر أن يقود الاستثمار والاستهلاك الخاص هذا النمو انعكاساً للجهود والمبادرات الممكنة للقطاع الخاص ليكون هو المحرك الرئيسي في النمو الاقتصادي، مع استمرار العمل على تحسين وتطوير البيئة التشريعية والاستثمارية بهدف استقطاب مزيد من استثمارات القطاع الخاص بالتزامن مع مواصلة الحكومة تنفيذ برامج ومشاريع رؤية المملكة 2030. وعلى جانب تطورات الأداء المالي في عام 2022م، من المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات حوالي 234,1 مليار ريال بارتفاع نسبته 8.27 %مقارنة بالعام 2021م وبنسبة 0.18 %مقارنة بالمقدر في الميزانية؛ ويعود ذلك إلى استمرار التعافي التدريجي في النشاط الاقتصادي والجهود والمبادرات في تطوير الإدارة الضريبية وتحسين إجراءات التحصيل، إضافة إلى التطورات التي شهدتها أسواق البترول حيث وصل متوسط أسعار العقود الآجلة لخام برنت إلى نحو 7.101 دولارا للبرميل حتى شهر أكتوبر 2022م مقارنة بحوالي 5.69 دولارا للبرميل خلال الفترة نفسها من العام السابق. كما يتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات في عام 2023م حوالي 130,1مليار ريال وصولا إلى 205,1 مليار ريال في عام 2025م، وتتسم هذه التوقعات بالتحفظ بما يتماشى مع التوجه الذي تتبناه الحكومة في بناء تقديرات الإيرادات النفطية وغير النفطية في الميزانية، وذلك تحسباً إلى تطورات قد تطرأ على الاقتصاد المحلي والعالمي.
وفي ضوء التطورات العالمية والمحلية أعدت ثاث سيناريوهات لإيرادات لعام 2023م، ً الأول: السيناريو الأساسي وهو المستخدم في تقديرات الإيرادات في الميزانية حيث تبلغ حوالي 130,1 مليار ريال أخذاً في الاعتبار التطورات المحلية والعالمية.
ثانياً: سيناريو يأخذ في الاعتبار تحقيق إيرادات بمستويات أقل من السيناريو الأساسي تقدر بنحو 029,1 مليار ريال،
ثالثاً: سيناريو يأخذ في الاعتبار تحقيق إيرادات بمستويات أعلى من السيناريو الأساسي لتبلغ حوالي 292,1 مليار ريال، حيث إن التخطيط المالي للميزانية مستعد للتعامل مع أي من هذه السيناريوهات خاصة مع وجود مرونة في النفقات العامة.
من المقدرأن يبلغ إجمالي النفقات لعام 2022م حوالي 132,1 مليار ريال مرتفعاً بنسبة 0.9 %عن المنصرف الفعلي لعام 2021م وبنحو 5.18 % عن الميزانية المعتمدة؛ ويعزى هذا الارتفاع إلى احتواء المملكة للتحديات الاقتصادية التي شهدها العالم بالسيطرة على مستويات التضخم، وتعويض التأخر في تنفيذ بعض المشاريع الاستراتيجية والرأسمالية التي تأثرت بجائحة كوفيد-19، إضافة إلى تسريع تنفيذ برامج رؤية المملكة 2030 والمشاريع الكبرى ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المرتفع. وتعتزم الحكومة خلال العام القادم والمدى المتوسط مواصلة جهودها في رفع كفاءة الإنفاق والضبط المالي واستكمال تنفيذ الاستراتيجيات الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام، حيث تستهدف تحقيق التنمية الشاملة على المستويين المناطقي والقطاعي في المملكة، وتطوير القطاعات الواعدة التي تساهم في تحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية على المدى المتوسط والطويل، كذلك توطين الصناعات العسكرية، مع استمرار المملكة في تنفيذ برامج ومبادرات منظومة الدعم والحماية الاجتماعية، وعليه من المقدر أن يبلغ إجمالي النفقات حوالي 114,1 مليار ريال لعام 2023م وصولا لنحو 134,1 مليار ريال في عام 2025م.
ومن المتوقع الاستمرار في عمليات الاقتراض المحلية والخارجية بهدف سداد أصل الدين المستحق خلال العام 2023م وعلى المدى المتوسط، واستغلال الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية استباقياً لسداد مستحقات أصل الدين في الأعوام القادمة، ولتمويل بعض المشاريع الاستراتيجية، بالإضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل بهدف تمويل الإنفاق التحولي للمشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، وبذلك يتوقع أن يبلغ الدين العام حوالي 951 مليار ريال أي 6.24 %من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023م مع توقعات لاستمراره بهذه المستويات على المدى المتوسط.