مها محمد الشريف
تستضيف الرياض أكثر من قمة مع الصين، وأعطت هذه الزيارة للرئيس الصيني المعنى المعاصر لأهميتها، حيث ستكون الاهتمامات والأهداف جلية واحترافية فالسعودية تقوم بدور هام في صياغة نظام اقتصادي عالمي، والعلاقات التي تربط السعودية بالصين لها أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية، التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين الرياض والدول الصديقة.
من بين بلدان العالم المتعددة، لا يزال الشرق الأوسط يحتل مساحة واسعة من العقل الغربي، وشغله الشاغل الذي لا يهدأ من قبيل إسرائيل وفلسطين وإيران ودول الخليج العربي، فالقوى المهيمنة صاحبة السطوة تضاءل تأثيرها بعد تعدد الأقطاب الصين وروسيا، وتتجه نحوها أنظار الأصدقاء والخصوم الذين يعملون على تعديل الوسائل والغايات والمعايير الغربية القائلة إن الولايات المتحدة الأميركية الحليف التاريخي التقليدي إلى إيران الخصم الإقليمي تسعى لاستقرار المنطقة، ومن الصعب عليها تقبل علاقات الصين الدولة التي تحاربها بكل الأدوات وروسيا الشريك المستعد لبناء المجال العالمي البديل للخليج والعالم العربي.
ومن المنتظر أن تنجذب دول عديدة أخرى للصين، فحين يتعلق الأمر بالمصالح وعقد الاتفاقات والتفاهمات تكون النقطة الفاصلة بين المهمات، وفي استحضار مقتضب لبعض المحطات القليلة الماضية كانت المملكة العربية السعودية مقراً لسلسلة لقاءات خليجية وعربية ودولية، ذات الصلة بشراكات متنوعة وتحالفات رفعت أركان الاقتصاد عندما اهتز في العالم، ووازنت بين ميزان القوة الاقتصادية لمعظم الدول، فلم يكن الجميع على ذات الدرجة من الابتهاج والرضا على الصعيد العالمي، فكانت مشاورات عميقة مع فرنسا رسمت سياساتها النفطية الخاصة في إطار منظمة «أوبك» واجتماعات «أوبك+».
من هنا نتساءل هل هذه العلاقات بداية لتحالف واسع بالمنطقة مع الصين؟ وخاصة بعد تواصل الأفول والتراجع الأمريكي على الساحة الدولية، والتي قامت بتصميم الأزمات لاستخدامها كسلاح قائم على أساس إستراتيجي وأيديولوجي، علماً أن صياغات السياسات الكبرى لا تعتمد على الانتقائية أو الصدف، بل تحتاج إلى إرادات قوية وظروف جديدة وتحديات كبرى خارجية، ولكن المدهش أن لعبة السيناريوهات غير المتوازنة أنتجت صياغة أمريكية غير مقبولة، ومنكبة كل أفكاره الثورية على قطب واحد باعتباره محور ارتكاز لكل العالم، ولكن الرؤية اليوم تحررت من الأفق الضبابي، فهؤلاء جميعاً يحتاجون العالم العربي مثلما تحتاج الدول العربية إلى إقامة أفضل العلاقات المتكافئة معهم، وتعدد الخيارات أنهى كل تلك المساومات، فاللقاءات الصينية العربية بقيادة المملكة أسهمت في نجاحها مع دول الخليج رغم التحديات الإقليمية بفضل العمل العربي المشترك.