عثمان بن حمد أباالخيل
كل إنسان في هذه الحياة لديه معاناة يشعر بها وتعيش معه ربما زمناً طويلاً، معاناتي الشخصية في كتابة الرواية ليست معاناة في السرد أو الأحداث والشخوص والأمكنة أو الحبكة، هي معاناة إنسانية ونفسية مع شخوص الرواية. صحيح الرواية من نسج الخيال لكنها ممزوجة من الواقع الرواية ليست كتلة كلامية أو لغوية، بقدر ما هي محصلة خبرات لغوية ولا لغوية وبصور كثيرة، صور تمس الإنسان الاجتماعية والدينية والأخلاقية. صحيح أنّ الروائي يخلق أبطالاً عالمه الروائي من العدم، ويبثّ فيهم الحياة، ثمّ يحدّد لهم مصائرهم بدقة وهذا بيت القصيد. تحديد المصير معاناة أشعر بها مرة معاناة حزن وأخرى معاناة فرح وثالثة معاناة ضياع والاستمرار في كتابة الأحداث معاناة، قرار موت أحد شخوص الرواية معاناة، مرض أحد شخوص الرواية معاناة، أعاني كثيراً حين أقوم بتوزيع الميراث على شخوص الرواية المعنيين وهنا أستشير من يستطيع أن يجيب وبكل دقة وعلم ومعرفة.
من يقود الآخر الروائي أم شخوصه في الواقع في معظم رواياتي التي صدرت الشخصيات تتحكم بي إلى حد كبير لكنني أنظر إلى ذلك من زاوية أخرى زاوية التدخل المستمد من الواقع، الواقع الذي قد يرفضه القارئ للرواية وهذا اختلاف طبيعي في تفاصيل حياة الناس. وعلى سبيل المثال حالياً منهمك في كتابه رواية جديدة أسميتها (الأسرار تموت) كل معاناتي تصب في المعاناة الإنسانية والنفسية لي شخصياً في كتابة الأحداث حقاً أصاب بالقلق والتوتر حين أقرر موت أو مرض أحد شخوص روايتي أتمنى أن تكون جاهزة في العام القادم لتقديمها في معرض الرياض الدولي للكتاب. رواياتي روايات اجتماعية تمس الإنسان والقيم الإنسانية وليست روايات بوليسية او تاريخية أو سياسية. (الكتابة بذهن مشتت تشبه النوم أثناء السباحة كلاهما يؤدي إلى الغرق) محمد حسن علوان.
إن خيال الروائي قادر على تغيير تناسب الظواهر والأحاسيس وملامح الشخوص وأنماط سلوكهم لكنه تغيير لا يبتعد عن الواقع وإن ابتعد أصبح حكماً مسبقاً على الحياة خارج مفاهيم المجتمع. هذا جزء من معاناتي في كتاباتي للرواية. للأسف هناك بعض الروائيين يؤلفون روايات خارج القيم الإنسانية ويقتحمون الثالوث المحرم (الدين الجنس السياسة). ظانين أنهم يبحثون عن الشهرة السلبية ونسوا سمعتهم وما سوف يتركونه بعد وفاتهم. سمعة الإنسان تعيش دهراً طويلاً وهذا ما نجده في تاريخنا العربي والإسلامي، وعلى مستوى العائلة التاريخ لا ينسى الإنسان سيئ السمعة فسمعته باقية ومتناقلة جيلاً بعد جيل. فلا تكدر بها نفسك ومن حولك. وإذا أردت القضاء على إنسان شوّه سمعته وهذا من طبع الضعفاء الذين يعجزون عن المواجهة. سمعة الإنسان سور عظيم يحيط به من جميع الجهات وحولها خط أحمر، ومن المستحيل أن أغوص في أعماق الثالوث المحرم ما لم يكن من صميم الرواية في كتابة خجولة لا تخدش حياء القارئ. همسة (أفرح وأحزن عندما أمسك القلم وأعبر عن شخوص الرواية التي أكتبها).