أنقرة - «الجزيرة» - خاص:
تشكل الانتخابات حدثاً مهماً في تاريخ تركيا الحديث، نظراً للمنافسة الحادة التي تشهدها البلاد بين «رابطة الشعب» وهو تحالف بين حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية من جهة، و»رابطة الأمة» التي تضم حزب الشعب والخير والسعادة وحزب الشعب الديمقراطي من جهة ثانية، إضافة إلى ذلك، وجود الوزراء والقادة السابقين في حزب العدالة والتنمية الذين أعلنوا عن تأسيس حزبين معارضين، الأول هو حزب المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، والثاني هو الحزب الديمقراطي التقدمي بزعامة وزير الاقتصاد السابق علي باباجان.
وفي ظل التراجع النسبي في شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومحاولة بعض أحزاب المعارضة التوافق على مرشح توافقي لمنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان، وتشظي الحالة الحزبية على الساحة التركية، ومشاركة أحزاب جديدة في الانتخابات، التي ستجرى يوم 18 حزيران/ يونيو من العام المقبل، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، بالإضافة إلى انتخاب 600 عضو في الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا، كل منهم لمدة خمس سنوات، أجرت المجموعة الإعلامية للخدمات استطلاعاً للرأي العام التركية وفي استطلاع للرأي العام، أجرته «المجموعة الإعلامية للخدمات»، مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث تم طرح حوالي 17 ألف استمارة وزعت بشكل عشوائي على شرائح مختلفة من المجتمع التركي في مدن أنقرة واسطنبول وأزمير وانطاكيا، وتحمل سؤالاً واحداً، «لمن ستقترع في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مرشح السلطة أم مرشح المعارضة؟. وحتى اللحظة الراهنة، وبالرغم من عدم إعلان بدء الحملات الانتخابية رسمياً، تبدو رهانات الطرفين، بالإضافة إلى العمل على خريطة التحالفات والتجييش الشعبي، والتنافس في البرامج والخطاب والحملات الانتخابية، انتظار تطورات خارجية تنعكس إيجاباً لمصلحة أي من الطرفين على الساحة الداخلية، ومتابعة مؤشرات الاقتصاد، والقدرة لأي منهما على تجيير هذه التطورات لمصلحته، وترجيح كفته في الاستحقاق الانتخابي.
وفي استطلاع للرأي العام، أجرته «المجموعة الإعلامية للخدمات»، أظهر أن الرئيس أردوغان سيخسر أمام مرشح المعارضة في الانتخابات المقبلة، وأنه يتخلف عن مرشح أحزاب المعارضة المرتقب بـ 7.8 نقطة.
الاستطلاع تم إنجازه مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعدما تم طرح حوالي 17 ألف استمارة وزعت بشكل عشوائي على شرائح مختلفة من المجتمع التركي في مدن أنقرة واسطنبول وأزمير وانطاكيا، وتحمل سؤالاً واحداً، «لمن ستقترع في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المرشح رجب طيب أردوغان أم مرشح المعارضة؟».
وبالرغم من أنه لم تعلن أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية، باستثناء أردوغان، ولم يحصل أي متغير مهم حتى اللحظة الراهنة، يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في النتائج النهائية، يمكن القول إن المعركة الرئيسية هي معركة رهانات بين الجانبين، وتعتمد إلى حد بعيد على الظروف التي ستشهدها البلاد وقت إجراء الانتخابات، وخاصةً فيما يتعلق بمجموعتين كبيرتين من المتغيرات.
فالمجموعة الأولى: تراهن المتغيرات التي تشكل حالة استقطاب ومنافسة بين الحكومة والمعارضة مثل ملف المقيمين الأجانب والمؤشرات الاقتصادية، ولا سيما تلك التي تمس جيب المواطن وحياته اليومية.
أما المجموعة الثانية: فترتبط بالخريطة السياسية والانتخابية لجهة عدد المرشحين الرئاسيين واحتمال وجود مرشح توافقي للمعارضة من عدمه، فضلًا عن التحالفات الانتخابية بين الأحزاب. 37 في المئة من المستطلعين فقط، قالوا إنهم سيصوتون لأردوغان، وحزبه «العدالة والتنمية» وتحالف «رابطة الشعب»، نظراً لما يقدم من تطمينات تفيد بأن تركيا لن تعاني من مشكلة في تأمين موارد الطاقة في فصل الشتاء، وسعيه لتخفيض الأسعار بتواصل مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلًا عن وعده ببدء انخفاض نسبة التضخم مع مطلع العام 2023، كذلك تحسن المؤشرات الاقتصادية قبل عقد الانتخابات وشعور المواطن/ الناخب بهذا التغير بشكل مباشر ومؤثر، ولذلك تعمّقت الحكومة في تقليل الجباية وزيادة الإنفاق الحكومي، خاصة على محدودي الدخل والشباب والطلاب، وقد شملت السياسة الحكومية رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة مرتفعة مرتين في العام بخلاف المعتاد، كما شملت رزمة من الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، وجدولة للديون، وخفض بعض الضرائب، ومشاريع إسكان للشباب والمقبلين على الزواج وذوي الدخل المحدود وغيرها، كما تعمل على تقليل آثار الملف الثاني الحاضر على أجندة الانتخابات، وهو ملف المقيمين الأجانب، ولا سيما السوريين منهم، حيث تستمر القرارات الحكومية المتعلقة بخفض أعدادهم عن طريق تشجيع العودة الطوعية، وتعديل القوانين والتعميمات المتعلقة بأماكن سكنهم ووثائق إقامتهم وما إلى ذلك.
إضافة إلى ذلك، يرى المستطلعون أن الرئيس أردوغان عمل على تحقيق إنجازات على مستوى الدبلوماسية التركية، خاصة بعد نجاح تركيا في التوسط في اتفاقَيْ تصدير الحبوب الأوكرانية وتبادل الأسرى، يرافق ذلك نشاط الدبلوماسية التركية بين روسيا وأوكرانيا «بالرغم من صعوبة المهمة نظراً لتسارع الأحداث»، وبين أذربيجان وأرمينيا، فضلًا عن توقيع مذكرة التفاهم بخصوص الموارد الهيدروكربونية مع ليبيا. وأما الرهان الأخير في هذا الصدد، «حسب المستطلعين» هو عدم توافق أحزاب المعارضة فيما بينها واستمرار حالة الخلاف والتراشقات بخصوص بعض المواضيع، وتقديم المعارضة مرشحاً توافقيّاً خاطئاً أو من السهل إضعافه، وإن ذلك يسهل مهمة أردوغان في الفوز بالانتخابات.
أما نسبة 48.8 في المئة فجاءت إنهم يفضلون مرشح رابطة الأمة، وبشكل خاص حزب الشعب الجمهوري احد أكبر الأحزاب المعارضة، نظراً لرهاناتها على تراجع مؤشرات الاقتصاد ولا سيما نسب البطالة والتضخم والأسعار، وفشل الحكومة الحالية على حل مشاكل المواطن الاقتصادية، وتحميلها مسؤولية التدهور طوال فترة حكمها للبلاد منذ 20 سنة، وإدراكها أن الاقتصاد هو المعيار الأول الذي يصوت على أساسه الناخب التركي، وأن يكون دوره أبرز في الانتخابات المقبلة، ومن ثم يتيح لها ذلك أن تقدم نفسها كبديل قادر على مواجهة المعضلة الاقتصادية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المعارضة تعمل على عدم حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى والاحتياج لجولة إعادة، بحيث تتجمع كل الأصوات المعارضة ضد أردوغان لتضمن هزيمته، خاصة وأن أجواء «تحالف الأمة» ما زالت غامضة بخصوص المرشح التوافقي، رغم تأكيدها إقرار الفكرة من دون التطرق إلى الاسم. وأيضًا هناك منافسة داخلية حامية بين عدد من الشخصيات المعارضة.
إضافة إلى ذلك، تراهن المعارضة على تفاقم التململ الشعبي من ملف الأجانب المقيمين على الأراضي التركية، وخصوصا السوريين منهم، وتصويرهم من قبل البعض على أنهم السبب الرئيسي لمشاكل تركيا، إلا أن المعارضة بشكل عام لم تميز نفسها عن هذا الخطاب، ولم تتبنه، تاركة لنفسها مساحة من الاستفادة من هذا التململ محملةً الحكومة وحزب العدالة والتنمية المسؤولية عن ذلك.
وبلغت نسبة الذين لم يحسموا أمرهم 7.8 في المئة، أما نسبة الذين قالوا إنهم سيقاطعون الانتخابات فبلغت 6.4 في المئة.