كتب - محرر الوراق:
أرامكو عملاق النفط والمؤسسة العملاقة شهدت حدثاً مهماً في أواخر شهر صفر وأوائل شهر ربيع الأول من العام (1366هـ) الموافق لآخر شهر يناير من العام (1947م)، حيث قام مؤسس هذا الكيان والوطن الكبير الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -حمه الله- بزيارة تفقدية لشركة أرامكو بالظهران عروس المنطقة الشرقية، ورافق المؤسس في زيارته هذه جمع من أصحاب السمو الأمراء، والعديد من رجالات الدولة وأعيان المجتمع.
كما استضاف الملك المؤسس على هامش هذه الزيارة حاكم البحرين آنذاك الشيخ سلمان بن حمد الخليفة -رحمه الله - الذي ما إن علم بوصول الملك عبدالعزيز إلى المنطقة الشرقية إلا وبادر بزيارته، وأقام له المؤسس مأدبة غداء حضرها قرابة ألف شخص.
وعلى هامش هذه الزيارة الملكية الكريمة -أيضاً- قام الملك عبدالعزيز بالعديد من الأنشطة والفعاليات المهمة، كما التقى العاملين في أرامكو.
ومن الجميل أن هذه الزيارة تم توثيقها من قبل شركة أرامكو، فالعديد من صور هذه الزيارة الملكية لا تزال تتداول حتى اليوم لتميزها ولأهميتها.
ومن بين الفعاليات العديدة التي حضرها المؤسس -رحمه الله - مباراة في كرة القدم ثار حولها الكثير من الجدل: هل هي أول مباراة في كرة القدم يحضرها المؤسس؟ أم أنه سبقها مباريات شهدها المؤسس وحضرها؟
والذي أثار هذا الجدل رجل موصوف بأنه من أقرب الناس إلى المؤسس، وهو وزير المالية آنذاك الشيخ عبدالله السليمان - رحمه الله.
ونترككم هنا مع نص تقرير أعدته لجنة من المؤرِّخين بشركة أرامكو:
ترجم هذا التقرير وعلَّق عليه معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري، أمين عام دارة الملك عبدالعزيز المكلَّف، ونشرته الدارة كإصدار تاريخي مميزة من إصدارات متنوعة ومهمة صدرت على هامش الاحتفال بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، والتي كانت في العام (1319 هـ)، وكان الأمير سلمان (الملك) يقف على رأس اللجان المختلفة التي تعمل على فعاليات هذه المناسبة.
وعوداً إلى هذا التقرير، حيث يقول في أحداث اليوم الخامس من الزيارة، وهو الخامس والعشرين من يناير، من العام (1947م): وفي فترة بعد الظهيرة حقق جلالته سابقة أخرى عندما حضر مباراة على البطولة في كرة القدم بين أكبر فريقين في الرابطة المؤلفة من موظفي الشركة المسلمين، وشهد جلالته المباراة حتى نهاية المنافسة بين فريقي نادي الاتحاد، والصوماليين التي قال عنها وزير المالية: إنها إذا لم تكن أول مباراة في كرة القدم يشهدها على الإطلاق، فإنها على الأقل كانت أول مباراة يحضرها كضيف شرف.
وتابع جلالته المباراة باهتمام، وكان يضحك لبعض الهفوات التي يقع فيها اللاعبون، وكان واضحاً أنه يحب هذه الرياضة، وعقب المباراة قدَّم جلالته كأساً تبرع به ماكفرسين لعبده محمد كابتن الفريق الصومالي الذي كسب المباراة بهدفين مقابل هدف واحد.
هذا نص التقرير الذي تطرق له عن المباراة، وهو يلقي بسؤال مهم عن المؤسس وعنايته بالرياضة بشكل عام، ورياضة كرة القدم بشكل خاص والتي وصفت بأنها رياضة محبوبة للملك المؤسس -طيب الله ثراه.
ومن اللفتات الطريفة التي تذكر عند عناية المؤسس بكرة القدم ما ذكره المؤرِّخ محمد قدادي في كتابه «عبدالله الفيصل... رمز الريادة ومؤسس الرياضة في المملكة العربية السعودية» ص(92) عن حضور الأمير عبدالله الفيصل لمباراة في كرة القدم في عهد الملك عبدالعزيز: فحضوره ليس عبثاً، لأن الملك عبدالعزيز ما كان يوافق أن الأمير الحفيد عبدالله الفيصل الذي شغف به حباً يحضر مثل هذه المباراة بهذا الشكل العلني ويسلم كأسها، وخصوصاً أن الملك عبدالعزيز كان يدلّل الأمير عبدالله الفيصل دائماً، وهو يلحظ شدة تعلقه بكرة القدم فأسماه (عبدالله كورة) وسموه يطرب لهذه المناداة من الملك عبدالعزيز على آخر أيامه. يضيف القدادي: وهذا مصطلح يطلق في ذلك الوقت كل بمهنته أو هوايته من باب التدليل، فيوسف ياسين كان يُسمى يوسف جريدة على اعتبار أنه رئيس تحرير جريدة أم القرى.
أخيراً: هل وثِّق التاريخ الرياضي في عهد المؤسس؟
مع التقدير الكبير لما كتبه بعض الباحثين المميزين في توثيق التاريخ الرياضي في عهد المؤسس، مثل الدكتور أمين ساعاتي، والدكتور محمد القدادي وغيرهم من المميزين في هذا المجال إلا أننا نلمس أن هناك احتياجاً لتوثيق مميز يتناسب والمرحلة التي تشهد تميزاً سعودياً في كل مجال، وبالأخص في مجال الرياضة، وهذا ما نؤمله من وزارة الرياضة ووزيرها الطموح الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وكل محب لتوثيق تاريخ الرياضة في وطننا الغالي، لأننا نعرف أن الوزارة ووزيرها لديهم شغف بحصر كل ما يخص تاريخنا الرياضي، كيف إذا كان هذا التاريخ يخص المؤسس - رحمه الله.
هذه أمنية ومقترح لكل مهتم بهذا الجانب من تاريخنا الرياضي ورياضاتنا عبر التاريخ، لأنه مؤكَّد أن البحث في بطون الكتب وأعمدة الصحف سينتج عنه -بحول الله - إضافة مهمة تخدم الوطن وتاريخه من بوابة الرياضة.