صيغة الشمري
من بين 32 منتخبا لم تترك الجماهير الكروية في مونديال قطر أثراً كما فعلت الجماهير السعودية، هذا ليس كلامي إذ يكفي أن تطالع المنصات الإعلامية والرقمية لتلمس الأثر السعودي في أجواء المحفل الرياضي العالمي حيثما وليت وجهك، لم يكن يحتاج الأمر أكثر من مباراة واحدة ليفرض السعوديون شخصيتهم وهويتهم، حتى بعد مغادرة الأخضر البطولة من الباب المشرف، ظلت عبارات الجماهير السعودية حاضرة عقب كل مباراة، و»ميسي وينه» ألهمت جماهير المنتخبات الأخرى بعد كل فوز «دي بروين وينه».. «موراتا وينه».. «رونالدو وينه» وغيرها من الهتافات التي تصدرت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حتى مترجم المنتخب السعودي كان له نصيب في التداول الواسع لأسلوبه في ترجمة تعليمات المدرب رينارد الذي لفت مقدمي برامج شهيرة على محطات عالمية.
الحضور السعودي اللافت والمؤثر في كأس العالم دفع الجماهير الرياضية وحتى تلك غير المهتمة بالرياضة للتعبير عن أسفها لانتهاء مسيرة الأخضر في المونديال مبكرا، لا يتعلق الأمر هنا بالرياضة وبالأداء الرفيع والمبهر لنجوم المنتخب ولاسيما في المواجهتين الأولى والثانية، بل هي حسرة على أثر الخروج على أجواء المونديال خارج الملاعب، فالمتعة التي كان يضفيها الجمهور السعودي في أروقة المونديال لا تقل متعة بل وتزيد على متعة المباريات.
بطولة كأس العالم قطر 2022 كانت بطولة سعودية بامتياز، والمكاسب التي تحققت كبيرة ويجب أن يبنى عليها، رياضيا نتحدث عن منتخب أثبت أن كرة القدم 11 لاعبا مقابل 11 لاعبا وأن التفوق على المنتخبات الكبيرة ليس بالأمر المستحيل، كل ما نحتاجه الاستثمار في صناعة كرة القدم أكثر من الاستثمار في المنتخب نفسه، نحتاج لعقلية كروية أكثر نضجا تؤسس منذ الصغر، ولياقة تليق بالمنافسات الكبرى، واختلاط بأهل الخبرة باستقطاب نجوم دوليين للدوري السعودي أو تسويق نجومنا للاحتراف في الدوريات الأوروبية الكبرى.
أما جماهيريا، فقد اكتشفنا ميزة فريدة في شبابنا السعودي، إنهم خير سفراء لبلدهم حيثما كانوا، فهؤلاء حاضر السعودية ومستقبلها. هؤلاء قوتنا الناعمة التي تغرس صورة جميلة وانطباعا مبهرا في أذهان العالم يدحض ذاك الانطباع الذي أُنفقت عليه المليارات لتشويه وتحريف حقيقتنا.