علي محمد إبراهيم الربدي
أعلن الديوان الملكي يوم الأربعاء 1444/4/15هـ الموافق 2022/11/9م وفاة والدة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وصُلي عليها يوم الأربعاء بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله في مدينة الرياض.
هذا الخبر صدر عن الديوان الملكي وتداوله خلق كثير عبر التواصل الاجتماعي.
وكان إعلان الديوان الملكي للراحلة عن هذه الدنيا العبدة التقية النقية أم الأرامل والأيتام والفقراء وابن السبيل، نحسبها والله حسيبها من الذين قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (64) سورة الفرقان.
المرأة الصالحة التي تنفق على القريب والبعيد، في السراء والضراء بحيث لا تعلم شمالها ما تنفق يمينها، العبدة الصالحة، التي تدعم المؤسسات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن.
والأميرة أم متعب الصادقة مع ربها الواصلة لرحمها التي لم تغيرها الدنيا بزخارفها وزينتها، إنها المحسنة صاحبة الفضل والإحسان والجود والكرم والدة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني السابق، والأميرة منيرة بنت محمد بن عبدالله بن تركي العطيشان تزوجها الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل ستين عاماً وأنجبت منه الأمير متعب بن عبدالله الابن الثالث للملك عبدالله - رحمه الله.
وأم متعب هي بنت المرحوم محمد بن عبدالله العطيشان أول مدير للشرطة بالرياض عند تأسيسها عام 1347هـ الموافق 1927م وقبل توحيد المملكة العربية السعودية، والذي بدأ حياته العملية بالأردن مع الجيش العثماني، ولكنه ترك الوظيفة وبدأ يتاجر بالخيل والإبل مع رجال عقيل الذين يتاجرون بالأنعام ما بين العراق والشام ومصر وعندما زار الملك سعود بن عبدالعزيز في شبابه مصر في أول زياراته بتوجيه من الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود في محاولة لكسب الرجال أهل الرأي والمشورة والخبرة العسكرية فالرأي (قبل شجاعة الشجعاني) والذين عملوا بالجيش العثماني من أهل نجد وقد تم اختيار مجموعة منهم محمد العطيشان الذي كان موجوداً بمصر مع رجال عقيل وقت الزيارة.
لقد استضاف تجار عقيل الأمير (الملك) سعود بن عبدالعزيز أثناء وجوده بمصر وفي حفلهم استعرضوا أمام الأمير سعود بن عبدالعزيز خيولهم وأعجب بخيل ابن عطيشان وبلباقة المرحوم الشيخ محمد العطيشان وطلب منه أن يذهب معه إلى نجد ومن هنا صارت العلاقات قوية بين الأمير (الملك) سعود بن عبدالعزيز ومحمد العطيشان.
قدم الأمير (الملك) سعود بن عبدالعزيز محمد بن عبدالله العطيشان للملك عبدالعزيز الذي رحب به هو الآخر وأعجب بآرائه وأفكاره وعينه مديراً لشرطة الرياض التي استحدثت عام 1347هـ الموافق 1927م وهو من أشار على الملك عبدالعزيز بتأسيسها، حدث هذا قبل توحيد المملكة العربية السعودية بسنوات.
وأسرة العطيشان التي تنتسب إليها أم الأمير متعب الأميرة منيرة محمد العطيشان والتي نسأل الله يجعلها من المبشرين بالجنة ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أسر بريدة العريقة ذات الحسب والنسب والمجد والتاريخ قدموا من عودة سدير إلى منطقة القصيم حين استقر أخو جدهم عثمان العطيشان وعائلته المكونة من أربع بنات وزوجته منيرة بنت راشد آل أبو عليان، بمدينة بريدة ولكنه ما لبث أن توفاه الله وعندما علم ابن أخيه عبدالله بن تركي بوفاة عمه قدم من عودة سدير إلى بريدة وحين وصل إلى بريده طاب له المقام فاستقر بها بعد ما طلبت منه زوجة عمه عثمان البقاء معهم ببريدة.
تزوج عبدالله بن تركي من ابنة عمه عثمان مزنة التي أنجبت منه أربعة أبناء وبنت هم عبدالعزيز الذي توفي في شبابه ومحمد وتركي وصالح عاشوا إخوة متحابين في أسرة واحدة في بريده وأسسوا لهم مزارع في شرقها وغربها ففي الشرق زرعوا على ضفاف وادي الرمة من الجهة الجنوبية الشرقية وفي الغرب أسسوا مزارع بالعريمضي قرية من قرى بريدة،كانت تبعد عنها بمسيرة ساعة على الدواب والأرجل، أما اليوم فهي حي من أحياء المدينة ملكوا فيها المزارع وعاشوا عيشة الأغنياء والأثرياء يزرعون ويأكلون ويؤكلون ويستعينون بالحشم والخدم ويتاجرون بالخيل والإبل مثلهم مثل تجار عقيل المشهورين وظلوا على هذه الحال حتى كان اللقاء بين الملك سعود والشيخ محمد العطيشان، فكانت بداية للتحول في حياتهم ومساكنهم فمنهم من استقر وسكن بالرياض ومنهم من سكن واستقر بالمنطقة الشرقية وتعينوا أمراء بأوامر من ملوك المملكة العربية السعودية بداية من الملك عبدالعزيز والملك سعود حتى عهد الملك خالد حين اقتصرت الإمارة في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز على آل سعود من تاريخ 1412/8/27 هـ الموافق 1992/3/10م.
والعطيشان الذين قدموا من عودة سدير وسكنوا بريدة ينتسبون إلى قبيلة بني تميم وهم أهل مزارع ورجال تجارة كانوا يتاجرون بالإبل والخيل والمواشي مثلهم مثل أغلب الأسر الغنية بمنطقة القصيم وكانت تجارتهم مع الشام والعراق ومصر وحين استقرت الأحوال بالمملكة العربية السعودية بفضل الله ثم الملك عبدالعزيز ورجاله عندها تحول رجالات العطيشان إلى رجال دولة ولهم مواقف مشهودة ومشهورة من أجلها أسند إليهم ملوك المملكة العربية السعودية مناصب قيادية ومراكز حيوية وذات أهمية وخلعوا على الكثير منهم لقب أمير وظلوا على هذا اللقب حتى تاريخ 1412/8/27 هـ الموافق 1992/3/1م. يتقدمهم الأمير المرحوم محمد بن عبدالله بن تركي العطيشان الذي أسس الشرطة بمدينة الرياض ومن ثم تعيينه أميراً لقرية المنطقة الحدودية التابعة للمنطقة الشرقية بأمر من الملك عبدالعزيز حتى وفاته ومنهم أخوه الأمير المرحوم صالح العبدالله العطيشان الذي بدأ حياته العملية بشرطة الرياض ثم أميراً لرأس تنورة حتى تقاعد في عهد الملك فيصل في التسعينيات وبعد أن جدد ثلاث مرات بعدها عاد لمسقط رأسه بريدة ليستقر فيها كواحد من أعيان ووجهاء القصيم والذي فتح منزله للقريب والبعيد وعابري السبيل والشيخ تركي بن عبدالله العطيشان الذي عرف بالأمير تركي الذي عينه الملك عبدالعزيز وكيلاً لإمارة المنطقة الشرقية حتى وفاته وهو مهندس الصلح بين الحدود السعودية والحدود العمانية والخاصة بواحة البريمي.
لقد توارث الأبناء عن آبائهم العمل بالدولة بكل أمانة وإخلاص منهم الوجيه الشيخ عبدالله بن محمد الذي خلف والده أميراً على قرية ثم أميراً على السفانية والأمير خالد بن تركي أبو بندر أميراً على الخفجي، والمحافظ عبدالمحسن بن محمد العطيشان (أبو محمد) محافظ قرية ثم الحفر الذي ظل محافظاً لها حتى طلب التقاعد ومنهم المحافظ بدر بن محمد محافظ الجبيل والكثير منهم عملوا بالوظائف المدنية كطبيب القلب والأذن والحنجرة الدكتور المشهور عبدالله بن تركي، ودكتور الهندسة اللواء عبدالعزيز بن تركي العطيشان مدير عام الأشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران والدكتور عبدالرحمن بن تركي المستشار الاقتصادي والأستاذ بجامعة الملك سعود والدكتور سعود بن صالح العطيشان أبو احمد أستاذ الفقه بجامعة الملك سعود بالرياض والنائب السابق للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ومنهم الشيخ عبدالله الصالح المدير السابق لشركة الغاز والتصنيع والمرحوم الشيخ منصور بن صالح العطيشان الراوية ومن الكوادر الفعَّالة بجامعة الملك فهد بالدمام ومن رجالات آل عطيشان الذين عملوا بالعسكرية وتقلدوا مناصب عليا بالدولة اللواء عبدالعزيز بن تركي مدير عام الأشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران والعميد المتقاعد فهد بن محمد العطيشان الذي بدأ ضابطاً وأنهى خدماته بالحرس الوطني وفيصل بن محمد المستشار الخاص بوزارة الحرس الوطني، ولا يزال الأبناء يتوارثون عن آبائهم العمل بوظائف الدولة والتي من خلالها يقدمون خدمات للدين والمليك والوطن بكل أمانة وإخلاص.
وكما قلنا إن العطيشان رجال دولة ومع هذا هم أهل كرم وتجارة ومنهم عبدالرحمن بن صالح العبدالله العطيشان (أبوضاري) الذي فضّل الأعمال الحرة على الوظيفة ويشار إليه بالبنان رجل المال والأعمال الذي يملك الشركات والمؤسسات الوطنية رئيس مجلس إدارة «الشركة العربية للمخصبات الزراعية»، ورئيس لعدد من الشركات كشركة دوغان بتركيا ورئيس الأعمال السعودية البحرينية وعضو في عدد من مجالس الأعمال السعودية الصينية والسعودية اللبنانية، والسعودية المغربية وترأس عدداً من المجالس كمجلس الغرفة التجارية بالشرقية وهو عضو فعَّال في لجنة أهالي بريدة ومجلس الغرف السعودية.
لقد تأثر الشيخ عبدالرحمن الصالح العطيشان بالآباء والأجداد بحبه للمواشي والإبل والخيل التي تعود على ركوبها من الصغر واليوم هو يملك ذوداً من الإبل وإسطبلاً من الخيل ومن حبه للخيل ترأس نادي الفروسية بالدمام وعضو فعّال بنادي الفروسية بالقصيم.
وأبو ضاري صاحب فضل وإحسان على القريب والبعيد وعلى الغني والفقير وعابر السبيل داعماً للجمعيات الخيرية والإنسانية.
فتح مجالس للضيافة بالرياض والدمام والقصيم يستضيف فيها الأمراء والشيوخ والوجهاء ورجال المال والأعمال وعابري السبيل والمثل يقول: (ومن شابه أباه فما ظلم)، يعطى لوجه الله بلا منّة ولا تبذير.
ومنهم الأستاذ فهد الصالح العطيشان المدير المالي ببلدية بريدة ورئيس مركز الملك خالد الحضاري سابقاً الذي تقاعد مبكراً من الشؤون البلدية والقروية وصار يقضي جل وقته بالبراري والمقناص.
وصاحب النخوة وعلوم الرجال الأستاذ سلمان بن صالح العطيشان الذي تأثر هو الآخر بالآباء بتملك المزارع واقتناء الطيور والصقور حتى صار خبيراً ومرجعاً بمعرفة أنواعها وتدريبها وقرصنتها وإطلاقها.
ومنهم المحامي الأستاذ محمد الصالح الحاصل على البكالوريوس تخصص الملكية الفكرية والذي وهب نفسه وسخر إمكاناته لخدمة المظلومين ورد الحق لأصحابه وبخاصة المعاقون.
نسأل الله أن يرحم الأميرة منيرة محمد العطيشان ووالديها وأن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يرحم كل من ودع الدنيا من أفراد أسرتها بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته ويجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة وأن يجمعهم في الفردوس الأعلى يوم {لا ينفع مال ولا بنون} وأن يصلح ذرياتهم وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف وأن يطيل أعمارهم على عمل صالح ويجعلهم ذخرًا للإسلام والمسلمين، إنه سميع مجيب وعزاؤنا لابنها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وإلى إخوانها وأخواتها وكل فرد من أفراد أسرة العطيشان.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين.
** **
القصيم - بريدة