علي الخزيم
صعود منتخب المملكة العربية السعودية إلى صفوف المتأهلين للمنافسة على كأس العالم لكرة القدم يقدم صورة مشرقة من صور التقدم الحضاري الشامل الذي تعيشه مملكة العزم والحزم والإنسانية بكل المجالات، وهي وإن كانت قد ترشحت للمنافسة العالمية مراراً منذ عقود مضت، فإن الأداء الفني والتنظيمي لهذه النسخة يُعد امراً لافتاً مبهراً.
النجاح الرياضي للمملكة يبرهن على حسن وحكمة القيادة الرشيدة ـ أيَّدها الله ـ باختيار قيادات شابة لإدارة الكثير من المؤسسات والإدارات الحكومية، وقد ظهر جلياً الأثر الإيجابي بتسجيل التقدم والنجاحات المتلاحقة بشتى مجالات الأنشطة والأعمال، وهو ما كان محل إعجاب المراقبين والمختصين عبر العالم ممن لا زالوا يشيدون بهذه الإنجازات.
لفت أنظار الجماهير من دول العالم تماسك وتلاحم جموع المشجعين السعوديين بالملاعب التي شهدت منافسات البطولة الدولية؛ وبمواقع تجمعات الجماهير، واستطاع الجمهور السعودي جذب آلاف الوافدين للمونديال بقطر إلى تنظيمهم التشجيعي وذلك من خلال أهازيجهم وأناشيدهم الطربية الشَّجية المنضبطة دون إسفاف ولا إيذاء وإزعاج للجماهير الأخرى.
التعامل الجماهيري السعودي مع بقية الجماهير من الدول الأخرى جعل جموعاً عربية وغير عربية تَنْضم إلى صفوفهم وتشاركهم عبارات وجمل التشجيع، بل إن عبارات راقية هادئة أطلقها الجمهور السعودي انتشرت بسرعة بين الجماهير داخل الدوحة ثم انطلقت إعجاباً وترديداً (باللغة العربية) إلى أنحاء العالم، حيث تناقلتها المواقع والمحطات الفضائية وبعض الصحف العالمية، وعلَّقت عليها بكثير من الإعجاب،
ويلفت الانتباه كثيراً ما تناقلته بعض الصحف والمواقع من انتظام صفوف الجماهير السعودية ومعها جموع عربية إسلامية للصلاة بوقتها؛ قالوا بما معناه: إنه تنظيم إسلامي عربي رائع حيث يخلعون الأحذية للوقوف أمام الله بصفوف متراصة متلاحمة تدعو لمزيد من التماسك بينهم.
بعيداً عن التحليل الرياضي؛ إلَّا أن منتخبنا الوطني أثبت للعالم أجمع أننا نتخطى وبثبات حدود المحلية والإقليمية بفن اللعبة، وبالفنون الرياضية كافة، وليس أدل من الردود الإيجابية السارة التي أطلقها الأشقاء العرب والمسلمون، وكذلك الأصدقاء بأنحاء العالم إعجاباً وتشجيعاً لمنتخبنا الوطني رغم تعثره بنتيجة بعض اللقاءات لظروف الإصابات الطارئة؛ غير أنه قد قدَّم فناً راقياً لافتاً أهَّله لنيل أجمل وأعطر عبارات وبطاقات الإعجاب والتقدير من الجميع.
أثلج صدور المسئولين وكافة المواطنين بالمملكة الصور والمقاطع المتناقلة من الدول العربية والإسلامية وكذلك الصديقة ومن أمام الشاشات الناقلة للمباريات الكروية بمحيط تجمعات المشجعين هناك، أو من المقاهي ونحوها حيث كانت تعبيراً عفوياً غير مُتكلَّف تشرحه العبارات والحركات الطبيعية التي يطلقها الجمهور المشاهد لمجريات لقاء المنتخب الوطني بالفرق المنافسة، الأمر الذي سجل مرحلة مُشرّفة من التعاضد والتلاحم العربي الإسلامي، ليثبت لكافة الأطياف والتنظيمات الدولية أن أوضاعنا ـ ولله الحمد ـ ما زالت بخير وتماسك محمود مهما بدرت بعض الاختلافات.
ـ وإجمالاً فقد غيَّر منتخبنا الوطني الصورة النَّمطية السابقة لعمالقة كرة القدم واصطف نداً لهم بعزيمة الكبار وجهود المخلصين الأوفياء، بارك الله سبحانه كل عمل مخلص.