بات مصطلح الحوكمة في السنوات الأخيرة يتكرر كثيراً لما له من دور في تحسين أداء المنظمات لذلك بدأت مختلف الدول تدرك الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه الحوكمة في ترشيد استغلال الطاقات والموارد مما يؤدي إلى تحقيق الأداء المتميز لهذه المنظمات ونظراً للأثر الإيجابي الذي حققه تطبيق معايير وممارسات الحوكمة في الشركات المساهمة على وجه التحديد في حماية حقوق المساهمين والمستثمرين، ولوجود التشابه بين نماذج العمل بين الشركات المساهمة ومنظمات القطاع غير الربحي مع اختلاف الهدف في القطاعين انطلقت فكرة تطبيق أنظمة الحوكمة على القطاع غير الربحي. من خلال وضع المعايير والأنظمة التي تضبط حوكمة المنظمات غير الربحية وتقييم أدائها من خلال التزامها في تطبيق هذه المعايير.
أحد أهم مقومات نجاح المنظمات الأداء المالي وأن حوكمة المنظمات هي أداة لوضع المنظمات في المسار الصحيح من خلال تقويم الأداء المالي وقياس مدى تحقيق العوائد المالية والمصروفات وهي جزء هام من العملية الاستراتيجية، فالأداء هو النتائج التي تحاول المنظمات الوصول إليها فكلما كان الأداء المالي جيداً كلما حققت المنظمات أهدافها ذات المدى البعيد بصورة أفضل، فحوكمة المنظمات تساهم في تحسين الأداء من خلال مبادئها وآلياتها التي تعمل كنظام فعال للمنظمات وتطبيقه بصورة جيدة يساهم في تحقيق الإفصاح والشفافية والحد من الفساد والغش وبالتالي تحسين الأداء المالي للمنظمات مما يجعلها أطول عمراً وأكثر تواجداً، ولكن لابد للمنظمات الحرص على تحسين مستوى ممارسة الحوكمة فيه والتزام المنظمة باللوائح التنظيمية والقوانين التي تساعدها للاستمرار في تحقيق أهدافها.
كما تتمثل حوكمة المنظمات غير الربحية كأداة فعالة للمراقبة على المنظمات من خلال آليات الحوكمة والمراجعة الداخلية لتقييم أدائها المالي وكون هناك ارتباط عالٍ بين تطبيق الحوكمة في المنظمات وتحسين الأداء المالي لهذه المنظمات فدور الحوكمة في تحسين الأداء المالي للمنظمات يكون من خلال مجموعة الأمور من أهمها: -
زيادة فرصة الوصول لمصادر تمويل جديدة
إن التطبيق السليم للحوكمة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة فرص الممولين الجدد فالإفصاح المحاسبي للقوائم المالية يزيد من موثوقية الممولين وكذلك إشراك الممولين وأصحاب المصلحة بالتقارير المتعلقة بصرف الأموال يزيد من احتمالية المشاركة في التمويل لا سيما إذا توافقت الرغبات المشتركة بين المنظمة والممولين.
زيادة قيمة المنظمة
فممارسات الحوكمة لا تؤدي إلى زيادة الممولين فحسب إنما تؤدي كذلك إلى ارتفاع قيمة المنظمة وميل الممولين إلى الدفع بشكل أكبر للمنظمات التي تمتاز فيها الحوكمة بفاعلية فقيمة المنظمة رأس مال خفي له الأثر الكبير في نمو وتطور المنظمة مما يؤدي إلى الاستقرار وبقاء المنظمات.
تخفيض المخاطر والأزمات
إن حوكمة المنظمات غير الربحية تعد وسيلة رقابية فعالة، من شأنها الكشف بل تجنب الاختلالات الهيكلية في المنظمات إذ إن مبادئها تعمل على تجنب الأزمات المختلفة قبل وقوعها فهي علاج حقيقي ووقائي للمنظمات وتساعد حوكمة المنظمات على تجنب الأزمات المالية وتساعد على استقرار المنظمات مالياً فقصور حوكمة المنظمات وضعف الرقابة على أداء الإدارات بالمنظمات يؤدي إلى تفاقم مشكلات الإدارة مما يساهم بشكل كبير في حدوث تلك الأزمات للمنظمات، وهو ما يمكن أن تعالجه حوكمة المنظمات لمساعدة تلك المنظمات على تجنب الأزمات المالية.
الحوكمة المحاسبية وضبط الأداء المالي
إن التطبيق السليم لمبادئ حوكمة المنظمات يشكل المدخل الفعال لتحقيق جودة التقارير المالية والمعلومات الناتجة عنه وبالتالي تحسين الأداء المالي بها، فتطبيق هذه المبادئ يؤثر على درجة ومستوى الإفصاح المحاسبي مما يؤكد على أن الإفصاح والشفافية وظاهرة حوكمة المنظمات وجهان لعملة واحدة يؤثر كل منهما بالآخر ويتأثر به، فإذا كان الإفصاح هو أحد وأهم مبادئ الحوكمة فإن إطار الإجراءات الحاكمة للمنظمات يجب أن يتم الإفصاح عنها بأسلوب ومعايير الجودة المالية والمحاسبية، كذلك فإن الأثر المباشر من تطبيق قواعد الحوكمة هو إعادة الثقة في المعلومات المالية نتيجة تحقيق المفهوم الشامل لهذه المعلومات باعتبار أن المعلومات التي تنتجها التقارير المالية هي من أهم الركائز التي يمكن الاعتماد عليها لقياس حجم المخاطر بأنواعها المختلفة مثل : المخاطر المحيطة ومخاطر السيولة فضلاً عن دورها في عملية التنبؤ، كما أن التقارير المالية تؤثر في قرارات الممولين بإمدادهم بالمعلومات عن المنظمات بهدف دعم وترشيد تلك القرار.
** **
- محمد الرشيد