مبارك بن عوض الدوسري
يتعلق الإنسان بالمكان الذي ولد ونشأ فيه وهو أمر فطري غريزي، يصل به إلى عشق تراب أرضه حيث فيها ذكرياته، وكان قد أكل وشرب من خيراتها. يزداد هذا الأمر مع التقدم في العمر حتى يصبح ذلك الإنسان مجبولا على حبه والحنين دائماً إليه إذا ابتعد عنه، وهو أمر إيجابي ينبثق من داخل الإنسان ليصل به أن يعمل جاهداً ليكون شخصاً فاعلاً يسهم في تطوره ونمائه.
أقيس هذه المقدمة على شخصي المتواضع حيث أنتمي لمركز «النويعمة» في محافظة وادي الدواسر التي قال عنها سعد بن عبدالله بن جنيدل أحد أبرز الرواد السعوديين الموسوعيين المحققين في تاريخ الجزيرة العربية وجغرافيتها وآدابها في القسم الثالث من المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية: إن النويعمة «بنون موحدة مضمومة ثم واو مفتوحة بعدها ياء مثناة ساكنة ثم عين مهملة مكسورة ثم ميم مفتوحة بعدها هاءُ وهي تصغير لكلمة ناعمة».
قفزات في مختلف المجالات
وقد حظيت النويعمة كسائر مناطق ومحافظات ومراكز وهجر المملكة بتنمية في مختلف المجالات وشهدت قفزات في مختلف مجالات النمو ومن أهمها التوسع العمراني والتجارة والزراعة، بعد أن كانت قرية صغيرة وصفها هاري سانت جون فيلبي في الجزء الثاني من كتابه «قلب الجزيرة العربية.. سجل الرحلات والاستكشافات» بأنها قرية يحيط بها سور ولها بوابة واحدة، وحوالي اثنتي عشرة فتحة في أجزاء مختلفة من ذلك السور تقفل بعوارض خشبية في الليل لمنع الأعداء واللصوص.
أشهر الأحياء
ورغم صغر مساحتها قديماً إلا أن أهلها وزعوها إلى ما هو أشبه بالأحياء اليوم، وتمت تسميتها في ذلك الوقت ومن أشهر تلك الأسماء الرخوانية وسرمداء والعزلة والقوز والبراحة والساس والمقصورة وأم الجماجم والعسيلة، يدخل إليها من «كوات» عُرفت بـ كوة عميان، وكوة آل مسن، وكوة المقصورة، وكوة أبوهياء، كما كانت مزارعهم «نخيلهم» هي الأخرى تحمل أسماء مثل الوصيل والشعيفاني والمرجحاني والصفارية والجرشية والحصينية والوطوب والمسعودية والحصيني، ومشيمخ والنداة وكانت تسقى من آبار وقلبان اشتهرت بأسمائها ومنها الرشداني وصيادة والعشيشية والسبيل والطريقي والويحقة والزنيجية وأخرى سميت بأسماء أصحابها أو ألقابهم مثل الربيقي وبرقان وطمران وآل بوزمام وآل سويس، كما عُرفت المساجد القديمة بـ جامع واحد باسم القرية «النويعمة»، ومساجد بن مهناء وقريع والفوار والقوز بالإضافة الى المساجد الموجودة في النخيل.
ودرس الكثيرون من أبناء وبنات تلك القرية في القدم على أيدي الكتاتيب ومن أبرزهم مبارك بن قنام من الرجال ومن النساء رجساء اللويمي، وهياء بنت سالم.