عدم الاستجابة لطلب الوالدة؛ رغبةً في عدم إتعابها
* أحيانًا تطلب مني والدتي أمرًا قد يعود بالتعب عليها، وهي لا تريده إلا لأجلي أو لأجل أبنائي، فهل عدم استجابتي لها من العقوق، علمًا بأنني لا أُريد إتعابها؟
- أمر الوالدة واجب الإجابة لا سيما إذا كان في معروف ولم تأمر بمعصية، ولكن من برِّك بها وشفقتك عليها قد تتردَّد في قبول هذا الطلب؛ لأنه يشق عليها، وهذا من البر أيضًا، لكن بعد إقناعها، فأقنعها أننا لا نحتاج إلى هذا الأمر فلا تكلفي نفسك، وأولادي أيضًا عندهم ما يسدُّ حاجتهم من مثله، فإن اقتنعتْ فبها ونعمتْ، وإلا فأجب طلبها.
* * *
خلع النعال في المقبرة
* هل من السنة خلع النعال في المقبرة؟
- جاء النهي عن المشي بين القبور بالنعال عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أنه أمر صاحب السبتيتين أن يلقيهما [أبو داود: 3230]؛ احترامًا لهذه القبور، ويُطلق العلماء الكراهة إذا كان بحيث لا يطأ على القبور، أما وطء القبور والجلوس عليها فكله محرم، هذا لا يجوز بحال سواء كان بنعال أو بغير نعال، لكن يطلقون الكراهة إذا كان بين القبور، مع أنه جاء الأمر بإلقاء النعال، والعلماء يقولون: إن الكراهة تزول لأدنى سبب، فإذا وُجد حرارة شديدة أو شوك أو ما أشبه ذلك إن استطاع ألَّا يمر بين القبور فهذا هو الأصل، وإن اضطر إلى ذلك فإن الكراهة تزول بهذا السبب، والله المستعان.
* * *
إخلاف الإيعاد بالضرب مِن قِبل الوالد لولده
* إذا توعَّدتُ ولدي بأن أضربه هل يكون مثل الوعد الذي لا بد أن أحقِّقه؟ وهل يُخشى إذا لم أفعل أن يَظن أني تعمَّدتُ الكذب، فيتعلَّم الكذب مني؟
- لا مانع من إخلاف الإيعاد، فإذا أوعده بأن يعاقبه فأخلف هذا الإيعاد فلا مانع منه. والله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد، فإذا وعد أتمَّ وعده، وعلى المسلم إذا وعد أن يفي بوعده، ومن علامات المنافق «إذا وعد أخلف» [البخاري: 33]، لكن هذا وعد الخير، أما التوعُّد بالشر والعقوبة فلا مانع من إخلافه، والله -جل وعلا- يعفو ويسامح مَن أوعدهم بالعذاب، والشاعر يقول:
وإنِّي وإنْ أوعدتُه أو وعدتُه لمخلفُ إيعادي ومنجزُ موعدي
* * *
رغبة الأولاد في إخراج الثلث لوالدهم المتوفى مع عدم وصيته بذلك
* تُوفِّي خالي وأحواله المادية تكفي بيته، وليس لديه فائض من المال، ولم يوصِ بالثلث، وأولاده يودُّون إخراج الثلث له، ومنه بيع سيارته، فهل يلزم إخراج الثلث من ماله؟
- هذا الميت الذي ليس لديه فائض من المال ولم يوصِ: الذي لم يكن لديه فائض من المال معناه أنه لم يخلِّف شيئًا، فإذا أراد أولاده أن يتبرعوا له بشيء من مالهم ويجعلوه في أعمال تنفعه بعد موته فهم مأجورون على ذلك. وقولهم في السؤال: (ليس لديه فائض من المال) ما أدري هل معنى هذا أنه لا يوجد لديه مال بالكليَّة، فمثل هذا إذا تبرَّع عنه ورثته وأولاده، وجعلوا هذا المال المتبرَّع به فيما ينفعه فجزاهم الله خيرًا، وهم مأجورون على ذلك، وإن ترك شيئًا ويكون معنى قولهم: (وليس لديه فائض من المال) يعني: مال كثير بحيث يفيض ويزيد على حاجة ورثته، ولم يوصِ، الأصل أنه ليس لديه وصيَّة، لكن إن اتفقوا وتنازلوا عن بعض ما خلَّفه والدهم وكلُّهم مكلَّفون ليس فيهم قُصَّر، وتنازلوا عن بعض ما خلَّفه لهم، ووضعوه فيما ينفعه، فالأمر لا يعدوهم.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-