في الوقت الذي كان غالبية المجتمع الرياضي العالمي يتوقع انتصار منتخب الأرجنتين على منتخب السعودية بكل سهولة، ظهر الأخضر تحت أشعة الشمس بمستوى مذهل جعل العالم يصفق له، بعد أداء شرّف من خلاله الوطن الذي كان يقف معه وينتظر منه نقاط المباراة، فحضرأخضرنا، وقدم جهداً كبيراً استطاع من خلاله الفوز على واحد من أقوى المنتخبات العالمية، والمرشح الأول لتحقيق كأس العالم 2022، بل أنه قبل مواجهة المنتخب السعودي لعب 36 مباراة لم يخسر منها ولا مباراة، وكان متحفزاً لمواصلة الانتصارات، وتحقيق أرقام قياسية، إلا أنه انصدم بأداء الأخضر السعودي، الذي قدم شوطاً أولاً كان فيه مميزاً على مستوى الدفاع وخاصة في مصيدة التسلل الذي لعبه بشكل متقن، إذا سجل منتخب الأرجنتين 3 أهداف كانت جميعها من تسلل، بينما ظهر الأخضر بوجه آخر في الشوط الثاني، وقدم أداءً «رجولياً» استطاع من خلاله مهاجمنا صالح الشهري تسجيل هدف أول جعل الأخضر يلعب بثقة كبيرة، ليستمر الأداء الرفيع حتى سجل سالم الدوسري هدفاً ثانياً يعتبر من أجمل أهداف هذه البطولة حتى الآن، وبعد ذلك الهدف بدأت ثقة اللاعبين في أنفسهم تكبر، وأصبحوا يتناقلون الكرة بكل أريحية، وبالرغم من الضغط الذي واجهه الدفاع السعودي في أجزاء من المباراة، إلا أنه كان قوياً ومتماسكاً، كما سطع نجم الحارس الفذ محمد العويس الذي نال جائزة أفضل لاعب في المباراة، وقد استحقها عن كل جدارة، بعد أن تصدى للهجوم الأرجنتيني، واستطاع أن يقف حجر عثرة أمام هجمات الأرجنتينيين.
رسائل ودلائل في افتتاح كأس العالم
اُفتتح كأس العالم في الدوحة عاصمة قطر، ونال الرضا التام من قبل غالبية المتابعين، وإن كان كعادة افتتاحيات كأس العالم مختصراً، إلاأنه قدم رسائل عميقة تستحق التوقف عندها، فحينما يبدأ الحفل بآية كريمة («يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»)، فتلك رسالة لمن ينادي بتغيير الطبيعة البشربة القائمة منذ بدء الخلق، ويحاول فرض طبيعة جديدة لا يقبلها عقل ولا منطق ولا إنسانية، وحينما يستعرض الحفل المقام في ملعب «البيت» المصمم على شكل «بيت الشعر»،فهذه رسالة أخرى للعالم الذي يتوقع بأننا لا نعتز بقيمنا وإرثنا، وحينما يحضر بعض القادة العرب لحفل انطلاق كأس العالم في الدوحة، فهذه رسالة ثالثة لمن حاول الانتقاص من قدر العرب في عنصرية بغيضة، وأنهم أقل من تنظيم كأس العالم. وحينما يرتدي سمو ولي العهدالأمير محمد بن سلمان شعار قطر، ويتابع مباراة الافتتاح باهتمام، ويوجه قبلها جميع الجهات الحكومية بأن تقف مع الأشقاء في قطر في حال الطلب، فهذه رسالة رابعة المعني بها بعض العرب والغرب والشرق، ومفادها أن سوء الفهم قد يحدث بين الأشقاء، وقد تحدث «الاختلافات» ولكن لا يمكن أن تصبح
«خلافات»، وهذا ماحدث في اختلافات الأشقاء، فقد أصبحت من الماضي، لنقول اليوم، متى احتاج الشقيق لشقيقه فسوف يجده حاضراً وداعماً مثلما حدث هذا على أرض الواقع بوجود سمو ولي العهد في الدوحة، ودعم المملكة لقطر على كافة المستويات.
تحت السطر:
_ مبروك للقيادة الرشيدة وللشعب السعودي الانتصار العالمي على منتخب الأرجنتين.
_ ماقدمه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للوطن عظيم، وفوائده نلمسها على أرض الواقع في شتى المجالات، وما الرياضة ببعيدة عن اهتمامات سموه، فقد كانت من أولوياته، واليوم يرى نتاجها بالفوز في المحفل العالمي، فشكراً لسموه الذي جعل ملف الرياضة واحداً من أهم ملفات رؤية2030.
_ الأمير الشغوف وزير الرياضة عبدالعزيز بن تركي الفيصل، بذل وتعب مع المنتخب السعودي تحديداً، وكان قريباً منه طوال مشواره في التصفيات، وفرحته التي أظهرتها لنا كاميرات التصوير يستحقها، ويستحق المباركة والشكر على كل ماقدمه.
_ رينارد مدرب ذكي، ومن أعظم المدربين الذين مروا بتاريخ المنتخب السعودي، فشكراً لمن وثق به وجدد معه.
_ مباراة الأرجنتين كانت ملحمة سعودية انتصر فيها الأبطال، تلك الملحمة سيخلدها التاريخ في صفحاته بكل فخر واعتزاز، ويوماً ما، ستكون ذكرى جميلة يرويها الآباء للأبناء والأحفاد.
_ حينما يكتب عميد الصحافة السعودية وأحد أهم مؤسسيها أستاذ الأجيال خالد المالك مقالاً عن الرياضة ويرسل من خلاله عدة رسائل وتحديداً للإعلام، فعلى المسؤول أن يأخذها على محمل الجد، فما وصل له حال إعلامنا الرياضي يوجب التدخل.
** **
- سلطان الحارثي