سالم بركات العرياني
الشعر ديوان العرب، ولكن ماذا عن النقد؟ إن قراءة سريعة لأدبنا العربي القديم والمعاصر تظهر قدرة الشعراء سواء كانوا شعراء المعلقات أو شعراء التجديد على النقد فهل كل شاعر ناقد؟ وهل كان في الإمكان أن يصبح المتنبي هو ابن جني؟ أو أن يصبح ابن جني هو المتنبي؟ وبعيداً عن هذا وذاك فقد تناول العديد من الكتاب والنقاد الأدب العربي بوصفه علماً كما نرى عند د. طه حسين وبروكلمان, والبعض يفهم الأدب على أنه عصور كما عند القدماء وكما فهمه الرافعي وجرجي زيدان وأحمد حسن الزيات وأحمد أمين.
قدرة الشاعر على النقد قد تضعه في أعلى المراتب من حيث قدرته على اختيار اللفظ والصور الشعرية وهي موهبة وملكة, والغموض هنا ليس محاولة لقول مايتعذر قوله وإنما هو قيمة فنية لها وزنها في العمل, ونحن نرى في أدبنا المعاصر العديد من الشعراء السعوديين المبدعين أمثال الشاعر والناقد عبد الله أحمد الفيفي, وهو أكاديمي وناقد وشاعر فحل له العديد من الدواوين الشعرية, وهناك الدكتور سعيد السريحي, والدكتور عبد الله الغذامي والأخير مثير للجدل دائماً وله في النقد باع طويل ويكفيه كتابه (النقد الثقافي) والذي تناول فيه شاعرية المتنبي وأبو تمام, وبما أننا مازلنا في الأدب السعودي فالشعراء كثر والنقاد كذلك وكم هو جميل أن تقرأ لشاعر مثل محمد جبر الحربي أو علي الدميني سواء على صفحات المجلات أو بطون الكتب.
وقديماً اشتهر النابغة الذبياني بأنه صاحب ذائقة نقدية ولذلك كان يضرب له مجلس في سوق عكاظ على أنه لايجب الخوف من النقد وإن كانت قد توسعت طرائقه ومذاهبه, فالنقد للبناء دائماً وليس للهدم إطلاقاً وهذا ماتعلمناه قديماً ونحن نقرأ لكبار الشعراء ثم نتناول نقد القصيدة حتى نصلح ما اعوج منها وحتى نستطيع فهم مراد الشاعر من القصيدة.
علينا أن نقف إلى جانب القارئ ونساعده في فهم وتذوق وتحليل النص الأدبي سواء كان ذلك النص قصيدة أو قصة أو رواية, فذلك يضعنا على الطريق الصحيح لإنتاج ذائقة أدبية فريدة تقدر قيمة الأدب الجيد, وتصمت حيال النصوص الرديئة, أو غير المرغوب فيها, فالصمت حيال النصوص الرديئة مطلوب أحياناً إذا عجز الناقد عن إصلاح النص.