د.رفعة بنت موافق الدوسري
يعرف (فان دايك) الإستراتيجية بأنها "التصور عن أفضل السبل الفعلية من أجل تحقيق الهدف" وهي –ضمن فضاء التخاطب في الحقل السياسي- الخطة التي يضعها صانع الخطاب لبناء نظامه اللغوي عبر عناصر متعددة، لسانية، وثقافية، وسياسية، ودينية، واجتماعية... تصبح فيما بعد عناصر إستراتيجية الخطاب.
وتعد جهازا لتحقيق الإقناع وبناء نظام لغوي يخدم غرضا معينا، فالمتكلم يعمد إلى اختيار أفضل الوسائل والكلمات التي تكفل تحقيق أهدافه، طبقاً لما يقتضيه فضاء التواصل، وعناصر الخطاب، إذ يعد المتلقي عنصرا أساسيا يؤخذ بعين الاعتبار أثناء بناء النظام الحجاجي للخطاب.
ويقتضي النظر في مفهوم الإستراتيجية ضمن هذا السياق الوعي والقصدية في توظيف التقانات والأدوات والمعارف، وما نعنيه بالخطاب الإستراتيجي هو أن المتكلم "يختار تحركاته بعناية، عوضا عن صياغة حججه عشوائيا، من أجل أن يحقق أهدافه"، لأن الخطاب السياسي خطاب تناظري، تضمن سمة التناظرية هذه حضور المتلقي، كما تمنح المتكلم أفقا لانتخاب إستراتيجيات التخاطب وتفعيلها في نسيج الخطاب.
وهي متطورة متغيرة دائمة التجدد بحسب معارض التخاطب ونوع الخطاب وهدفه، وبحسب تطور الأدوات والوسائل الخطابية، ولكنها قد تصبح قارة في بنية الخطاب. فكل نوع من أنواع الخطاب ضمن مقاماته المتعددة ينبني على إستراتيجية معينة، تستثمر هذه الإستراتيجية -على اختلاف طرائقها- قانون إعادة بنينة الخطاب، الذي ينص على: إن كل خطاب سياسي ينبغي أن يتموقع في صورته المؤسسية ثم يستدعي متلقيه إلى نفس المضمار، وهذا يعني أن المتكلم يعيد بناء ذاته ليتموقع في الذات السياسية، ويعيد بناء المتلقي ليستقر ضمن منظومة مؤسسية تتلقى النص السياسي وتتفاعل معه.