سهام القحطاني
* الجذور التاريخية لمفهوم المواطنة في المملكة العربية السعودية
فكرة المواطنة بدأت منذ عهد المؤسس الخالد رحمه الله الملك عبدالعزيز آل سعود من خلال «استراتيجية التوطين» هذه الفكرة التي كانت دليلا على عظمة الفكر التنويري الذي كان يمتلكه المؤسس الخالد رحمه الله، والتي كانت تهدف إلى نقل «بدو القبائل» من الصحراء إلى أماكن مستقرة من أجل إعادة التنظيم الاجتماعي والأمني والمهاري لتلك القبائل وتأسيس مفهوم جديد للفرد «المواطن» والفكر «المدنية» والإنتاج «المشاركة في بناء النهضة».
وهو ما يعني إلغاء الفردية لنشأة مفهوم «المواطنة» ائتلاف التنوع القبائلي في منظومة واحدة ذات أهداف وغايات مشتركة بحيث يكون الجميع ذات سلسلة واحدة تستظل تحت مفهوم وحدوي على كافة المستويات لبناء الدولة الحديثة.
كما هدف ذلك التنظيم إلى إلغاء الفكر القبلي وانتمائه الضيق وثقافته العنصرية إلى فكر مدني وثقافة متوافقة مع التنوع والاختلاف.
كما هدف ذلك التنظيم إلى اكساب المواطن الجديد مهارات جديدة تحوّله من مستهلك إلى مشارك في الإنتاج من خلال توفير آبار المياه وتعليم حرفة الزراعة بدلا من الرعي.
وبذلك نستنتج أن جذور مفهوم المواطنة في المملكة العربية السعودية بدأت مبكرا لتهيئة المواطن السعودي في ذلك الوقت للاندماج مع الأفكار الحضارية و قوالبها والمشاركة فيها.
وظل هذا المفهوم مّعززا عبر مراحل تطور المجتمع السعودي في ظل ولاة أمرنا الذين اثبتوا عبر التاريخ أنهم مع هذا الشعب جبل طويق تماسكا وقوة بهرت العالم بهذه الوحدة المباركة وستظل كذلك إن شاء الله.
لقد كان الهم الأول لولاة أمرنا منذ عهد المؤسس الخالد رحمه الله حتى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد -حفظهما الله ورعاهما بأمنه- «المواطن السعودي» هذا الاهتمام بالمواطن السعودي تبلور جليا من حلال رؤية 2030.
الرؤية التي تعتمد على ثلاثة محاور هي: المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح.
وهذه المحاور لن تكتمل ممارسة و إنجازا إلا «بمواطنة فعّالة مُنتِجة ذات مؤهلات علمية وتقنية تنافسية» تجعلها ندا لمثيلاتها على المستوى الإقليمي والعالمي.
* المواطنة والتعليم
يُعتبر التعليم المصدر الثاني بعد التنشئة الاجتماعية في تعزيز مفهوم المواطنة ورسم الطريق الصحيح لفاعلية المواطنة حتى تؤدي دورها السليم في بناء نهضة الوطن.
ولو عدنا إلى مقولة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه «القول الذي يؤسس وثيقة المواطنة في التعليم» «بأن التعليم ركيزة أساسية تتحقق بها تطلعات شعوب أمتنا في التقدم والازدهار والتنمية والرقي الحضاري في المعارف والعلوم النافعة، والشباب هم أمل الأمة وعدة المستقبل».
سنجد أن هذه الكلمة المباركة لخادم الحرمين الشريفين تؤكد على ثلاثة محاور آمنت به المملكة العربية السعودية منذ المؤسس الخالد رحمه الله:
الأول: أن الشعوب والأمم لا تُخلد إلا بالنهضة والحضارة، وأنهما لا يمكن أن يتحققا إلا بالتعليم.
والثاني: أن التعليم يتجاوز المفهوم المعرفي إلى «التنمية المستدامة» للفرد هذه التنمية هي التي تحقق الازدهار والتقدم والرقي للمجتمعات.
والثالث: أن الشباب هم الفاعل الأساسي لبناء أي حضارة وهو أمر لن يتم إلا عبر بوابة التعليم وتقديم منهج تعليمي يتخلص من التلقين والحفظ إلى داعم لمهارة الطلاب ومسارات التفكير الناقد.
وهذه المحاور هي التي أكدت عليها رؤية 2030 في التعليم التي تهدف إلى «دفع عجلة التنمية الاقتصادية إيمانا من المملكة بأن التعليم أساس التنمية وروح التقدم، فيه تُبنى العقول وتُخلق الأفكار، ليستطيع الإنسان أن يتعرف على مهاراته وقدراته، وبالتالي يستطيع أن يحدد أهدافه بشكل سليم، ويلتحق بسوق العمل فيسهم في رفعة وطنه بدفع عجلة التنمية والاقتصاد». -رؤية 2030 في التعليم-
ورؤية 2030 في التعليم ترتكز على ثلاثة محاور تتحرك في ضوء «الاستدامة»: استدامة أثر التعليم، استدامة التنمية استدامة الإنتاج.
ولذا فإن رؤية وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية تسعى إلى «تعليم متميز عالي الجودة بكوادر تعليمية مؤهلة لبناء مواطن معتز بقيمه الوطنية ومنافس عالميا». -الصفحة الرسمية لوزارة التعليم-.
ورسالتها تنطلق من تلك الرؤية «إتاحة التعليم للجميع ورفع جودة عملياته وتطوير بيئة تعلمية محفزة على الإبداع والابتكار لتلبية متطلبات التنمية.. وتزويد المتعلمين بالقيم والمهارات اللازمة ليصبحوا مواطنين صالحين، مدركين لمسؤولياتهم تجاه الأسرة والمجتمع والوطن». -الصفحة الرسمية لوزارة التعليم-.
فالتعليم الذي يحقق التنمية المستدامة هو التعليم القائم على استثمار المهارات وهو ما يؤكد عليه دوما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه بقوله «مصادر التعليم أصبحت اليوم مفتوحة، والتركيز الآن على المهارات».
وهو ما تسعى إليه وزارة التعليم من خلال المناهج الجديدة التي تركز على رفع مستوى الوعي الوطني عند الطلاب والطالبات وقيم هويته الوطنية ورموزه التاريخية والثقافية والافتخار بالتنوع الثقافي والعرقي لهذا البلد المبارك وخطط تمكين الشباب والمرأة واستثمار مهاراتهم في البحث والإبداع والابتكار لتتحقق الغاية على المدى البعيد في تأسيس مواطن سعودي يحظى بصفة عالمية من خلال «أن نُصبح من رواد الابتكار في العالم» -ولي العهد الأمير محمد بن سلمان-.
التعليم طريقنا إلى العالمية.