سهوب بغدادي
فيما نعايش موسم الاختبارات تكثر المناوشات الأسرية والتوترات -حمانا الله وإياكم- ولكنها الحقيقة، إذ اطلعت على رسم كاريكاتوري للرسام أيمن الغامدي حلو موسم الاختبارات وأظهر العمل الفني الأم التي تبذل جهدها في تدريس ابنها الذي فاجأها بحركة بهلوانية هوائية «تكتيكية» لتصريف المذاكرة، فهذا ما نراه من الأطفال ولكنه أمر طبيعي، ما أعجبني في الرسمة أن ملامح الأم لم تتعدَّ الذهول والاستغراب والحيرة، ولم تكن غضبانة كالعادة، ولم نرَ أسلحة تأديبية بجانبها، من هذا النطاق يعد بعض المربين الضرب والقرص والصراخ والأذى بجميع أشكاله وأنواعه أسلوبًا يعول عليه في التربية، فقط لأنه الأسلوب الوحيد الذي اختبروه وعرفوه وورثوه من آبائهم، ولكنه ليس الحال من الجيل الجديد، إذ قام الأهالي -جزاهم الله خيراً- بالتربية وفق إمكانياتهم والموارد المتوفرة والمعرفة التربوية المتاحة، أما الآن فنحن مطالبون بتحسين أسلوب التربية وجميع مجالات الحياة، فيجب علي أن أكون أمًّا ومربية أفضل، وأن أكون زوجة أنجح، وأن أكون صديقًا أصدق، وأن أكون ابنة أكثر تفهمًا ومرونة، باعتبار توفر موارد العلم والمعرفة في شتى المجالات بالمجان وفي لمح البصر، الآن يمكنك أن تكون متخصصًّا في التدريب على سبيل المثال من عقر دارك، فالثورة الرقمية والانترنت أعطت مفهومًا وبعدًا غير مسبوق لحياة الفرد والمجتمع، من هنا، لفتني محاضرة ألقتها الأستاذة خلود خالد وهي متخصصة في قانون الخدمة الاجتماعية ومهتمة بالتدريب والتثقيف بقضايا العنف الأسري، إذ تحدثت باستفاضة عن الإيذاء في الأسرة والنظام السعودي الذي يحمي الطفل والأسرة في هذا الخصوص، وذكرت أن هناك أشكالًا للإيذاء منها اللفظي والنفسي والجسدي، فالضرب إيذاء جسدي، والشتم والصراخ إيذاء لفظي، والإهمال والتلاعب بنفسية الطفل إهمال نفسي وتمتد القائمة السوداء للأسف لتلك الممارسات البالية، فالطفل أمانة وليس موضعًا للانتقام أو تفريغ الهموم الشخصية وضغوطات العمل والحياة، كما ذكر الدكتور جاسم المطوع في إحدى المحاضرات إن الطفل مع الضرب والصراخ سيعتاد ويتبرمج عليهما ولن يستجيب بعدها لأي شيء أو طلب من الأهل، كما قال إن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن إيذاء المسلم فضلًا عن ترويعه في مواطن عديدة استقاءً من الهدي الشريف، فهل نروع ونؤذي أطفالنا ونحن مسلمون؟ أي أطفالنا أحق بحسن العشرة والأمن والأمان؟ قال عبد الله بن عمرإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ»، وسُئل أي المسلمين أفضل قال: «من سلمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ»، فلماذا نطبق هذه القواعد مع الغير والبعيد ونغفل أو نتغافل عن القريب، فـ»الأقربون أولى بالمعروف»، أحبوا أطفالكم كما ينبغي وليس كما تظنون، إن التربية عملية مستمرة تستلزم تحسينًا مستمرًّا وقراءة ودراسة وتدارسًا بين الاب والأم ومن يدخل في هذه العملية، فلا تقصروا تجاه الأمانة التي وهبها الله لكم.