منال الحصيني
في رحلة توأم الشعلة سأكشف لك سراً ربما لم يسبق أن سمعته من قبل، قد يعطيك نقلة نوعيه في تغيير مسارك الروحي.
بدايةً هل سبق لك أن أدركت (ذاتك الحقيقية) وتوافقت معها؟
أو بعبارة أخرى هل تجاوزت ألم الانفصال عن ذاتك الحقيقية؟
الذات الحقيقية تتجاوز حدود الكلمات والمصطلحات والصور والأشكال، بل حتى المفاهيم وكذلك المواصفات والمقاييس، لذلك الفكر البشري عادةً لا يمكنه أن يستوعبها أو يدركها، فعندما يشعر الإنسان بباطنه أنه منفصل عن ذاته الحقيقية والتي منبعها الحب الإلهي اللا مشروط يشعر أنه في أسوأ حالاته وأن ثمة فراغاً داخلياً...
هناك شيء ناقص ومفقود بداخله لا يستطيع تحديده جيداً.
حينها كل ما بوسع الفكر أن يفعله هو ترجمة تلك الرغبة الخفية إلى رموز مادية تنبثق منها أشكال ومواصفات وربما صور ومقاييس، ليس لشيء سوى أن الفكر البشري محدود الاستيعاب مقصور على تلك المفاهيم..
عند هذه النقطة يبدأ يطارد الأشياء المادية كي يعوِّض الجوهر الأساسي الذي ظل يبحث عنه جاهداً فتراه يطارد المال أو النجاح أو حتى العلاقات العاطفية وما شابه. حينها يبدأ التعلّق اعتقاداً منه أنها ستعوّضه عن شعوره بالنقص، لن تشعر بالاكتفاء الحقيقي لأن هذه الأشياء لا يمكنها أبداً تعويض الجوهر الأساسي هنا تكون قد بدأت في (الرحلة الروحية).
عندما تلتقي بتوأم شعلتك لأول مرة ستقول هذا ما كنت أريده طوال حياتي!
توأم الشعلة «Twinflame» هو تعبير عن ذاتك الحقيقية هو تجل مباشر لجوهر الحب الإلهي اللا مشروط لكن الفكر لا يفهم ذلك بمعنى أنه لا يعي أنه تعبير وتجسيد وتجل لإدراك ذاتك الحقيقية.
فهذا الكائن المثالي «توأم الشعلة» يعكس كل مواصفات جوهره الروحي، حينها يقوم الفكر بترجمة ذلك على أنه هو ذاتك الحقيقية المفقودة طوال حياتك، ستشعر أنه هو كل ما تريده، بل هو من سيشعرك بالكمال وربما تشعر أنه أنت، هذا ما سيجعلك تحب ذاتك، هو من سيعوّضني فراغي وتعاستي طوال حياتي، هو من سيعطيني السعادة الحقيقية المفقودة بداخلي هذا هو جنتي على الأرض.
بعد ذلك ستبدأ بمطاردة هذا الكائن المثالي بحثاً عن تعويض الجنة المفقودة بداخله سيهرب وستظل تطارده.
في الواقع لا يوجد هروب ولا مطاردة.. على أرض الواقع فأنت فقط تهرب من ذاتك الحقيقية تبحث عنها في ذلك الكائن المثالي.
هنا الفكر يعتبر كائنك المثالي «توأم الشعلة» هو أفضل تعويض لذاتك الحقيقية بدلاً من أن يراه تجسيداً وانعكاساً (لطبيعتك الحقيقية)، فمشاعر الحب والسلام الرائعة والجميلة التي شعرت بها حينما التقيت به هي طبيعتك الحقيقية، هذه الجنة التي وطئت قدماك بها أثناء اللقاء ما هي إلا لمحة لإدراك ذاتك الحقيقية، فالفكر يظن أن هذه المشاعر قادمة إليك من هذا الشخص، بل ويجبرك بطريقه دينامكية أنها أتت من هذا المصدر الخارجي وليست من داخلك!
هذا هو الحال مع جميع الأشياء والتجارب والأشخاص والعلاقات، هي لا تعطينا المشاعر الجميلة، بل نستمدها من ذاتنا الحقيقية، عندما تقتنع بذلك فأنت في مرحلة (الصحوة الروحية).
إذاً توأم شعلتك هو انعكاس مجسّد لجنتك الداخلية الموجودة مسبقاً لكنك لا تدركها بسبب انفصالك الروحي لذلك لن تتحد مع توأم شعلتك قبل أن تدرك جنتك الداخلية أولاً وتعالج وهم الانفصال عن ذاتك الحقيقية.
فالاتحاد مع توأم الشعلة هو إدراك وليس تحقيقاً، لا بد فيه من تجاوز «للإيغو» وتخطي شخصيتك المزيفة فكائنك المثالي ما هو إلا مصعد يصعد بك إلى أعلى درجات الوعي، هو أعظم محفز لصحوتك الروحية، صمم بعبقرية إلهية جبارة يقودك نحو الاستنارة ليحفزك ويفعل رغباتك الخفية والدفينة في أعماقك كي تدرك حينها أنه لا يوجد شيء مادي يعوّضك ذاتك الحقيقية، ربما ستُصِر على أن توأم شعلتك من سبب لك هذه الحالة من الوعي لكن بعد أن تبدأ في الاستيقاظ ستدرك وقتها أن حالة الوعي كانت وما زالت موجودة بداخلك ويمكنك دخول جنتك الأبدية الداخلية دون الحاجة إلى أي شروط خارجية، حينما يتفعل ذلك الإدراك هنا ستكون قد سلكت طريق (الصحوة الروحية) وعرفت جيداً إدراك ذاتك الحقيقية وفهمت أنها أولويتك الأولى قبل توأم الشعلة لأن هذا التناغم مع هذا «الكائن المثالي» ما هو إلا نتيجة وليس وسيلة وليس بمقدوره أن يعوّضك جنتك الداخلية.
غالباً ما يكون هو الشخص المناسب في الوقت غير المناسب، تشعر معه بالراحة والأمان والسكينة، تجمعك به مشاعر قوية من الحب والتوافق والانجذاب، سيكون هناك نقاط مشتركة ستكتشف أنه يشبهك إلى حد كبير وأن الاختلافات بينكما تجعلكما متكاملين فنورك ينير عتمته ونوره ينير عتمتك.
ليس هناك مرحلة من حياتك تجمعك به فكلاكما أشبه بالمغناطيس يجذب الآخر إليه هو لا يكمّلك، بل يدفعك للاكتمال، سترى عيوبك فيه كما سيراها فيك لأنه مرآتك، سيتعلق بك كثيراً ثم ما إن ينسحب وربما يفضل الصمت والبقاء بعيداً عنك يراقبك من بعد.
في هذه الأثناء سيشعلك عاطفياً بطريقة لم يسبق لك أن عشتها وكأنك تفقد عقلك من سلب هذه الحقوق التي كنت تنعم بها، الغريب في الأمر أنه يحزن ويتألم ويشعر بك لكن «الأنا» سيكون في أعلى مراحله ستعلو عنده النرجسية ليتوهم أنك أصغر منه فكراً ومنطقاً سيحاول كرهك ربما تمر أنت بذلك أيضاً هنا تبدأ مرحلة «التطهير».
ستسأل عن معنى الحياة وستواجه الفناء والإحساس بالفراغ وألم الرحيل ستبتعد عن الآخرين لتواجه مخاوفك وحدك، فالمعركة التي تخوضها معركة داخلية. سيعلمك الصبر، سيمزق الأمان بداخلك ويبعث القلق .... إياك أن تظن أن رحلة التشافي سهلة، فالهدف منها أن تكون عذباً حتى تصل إلى الحب اللا مشروط مع من هم حولك أولاً ... هو مرشدك الروحي ينقلك حتماً للنقاء بعدما استُنزِفت من الداخل، هنا ستكون تعلّمت المرونة مع نفسك ومع غيرك فلو أرادك الله صلباً لخلقك صخرة، ولكنه أرادك رحيما عطوفاً محباً لنفسك ولغيرك بدون أحكام.
ما مررت به كلفك الكثير من الوقت والجهد فهي منظومة صعبة المنال لكنها تستحق النضال.
ستُنهي تضخم «الأيغو» وستصبح كائناً مسيطراً على كل مجريات الأمور ستقل المشاكل والصعوبات.
إذاً توأم الشعلة سلاح ذو حدين يحمل الموجب والسالب معاً. فبقدر ما يمكن أن يحفزك على صحوتك الروحية بقدر ما يكون سبباً في تعطيلها.. خاصة عندما تنسى الهدف الأساسي من الرحلة وتغرق في خرافات الهارب والمطارد، فقط كن يقظاً وتجنب الوقوع فيها، فبعقلك ستسرع «الصحوة الروحية» وتركز على إدراك ذاتك الحقيقية.
أرجوك ... مصطلح (توأم الشعلة) يخدمك فقط في البداية لمعرفة ذاتك لكن لا تجعله يضلك الطريق عن هدفك الأساسي.