عبد الله سليمان الطليان
الرقة تستوطن جسده النحيل، وعذوبة كلماته تحلق بي بعيدا أكاد أطيرا في الهواء وأركب السحب في السماء الزرقاء، ينزل الخجل والحياء في داخلي أحيانا فيكبل تفكيري، ويتغير لون وجهي من لسعات كلماته الرخيمة، فأحاول أن أفك قيد الموقف فابتعد بخطوات كسوله، وأنا في ارتباك من وقع الكلمات التي تتدفق من فمه، كل كلمة تزيد من دقات قلبي وصدها يرنو في داخلي، لم تكن من نسيج خياله بل نثر وشعر جاهد نفسه بقوة على حفظه من أجلي، كان يقطف من كتب العشق والهيام أجزلها جعلت من بلاغته ساحرة مثل المكان الذي يضمنا، نشتاق أنا وهو بشدة إليه ولا يكاد تمر بضعة أيام إلا ما يشدنا الحنين الجارف لكي نعود إليه، يجعل بصرك في حيرة، يتجلى فيه إبداع الخالق، بساط من الزهور الملونة منقوشة بزخرفة هندسية رائعة التصميم، تعبق رائحتها الفواحة بالمكان، تخمر عقول المرتادين العاشقين.
تصرمت الأيام والذبول يزحف على جسدي، وبدأت التجاعيد تغزوه وتنقش معالمها فيه، وأنا أحاول وأدها مع الوقت ولكن الزمن كان أقوى مني، أما هو فتسرب الانحسار إليه شيئا فشيئا، وراح يحطم شوقه للمكان، فأخذ يفضل العزلة والوحدة، وأجدبت كلماته العذبة، ولم أعد أسمع منه سوى تكرار عبارة اهتمي بأولادك.