عبدالمحسن بن علي المطلق
ليُعلم أن «الأنظمة» ليست قوالب، بل فيها من المرونة التي تحتاج لتتفق مع قنوات النهضة، ما يبلغ ببعضها إلى التغيير برمّته، أي الجذري -كما يقال-، وهذا يتم من خلال المحكات له، وحياتنا بل هي بالأصل خاضعة لذلك، بمعنى أن قطار التغيير سوف يمرّ على محطّتها لا محالة، فمساره إليها حتميّ، ويتمّ هذا في درجات متقدّمة من التطبيق -لها -، فضلاً أن بعضها ابتداءً أُعد كـ(تجربة).
ومن ظن أن النظام جامد، فهو كمن يرَى الحياة واقفةً، هما صنوان لأن الإنسان في بدايات الحياة كان يتذوّق الأطعمة ليرى ليس ما يضرّه فقط، بل حتى المناسب، فارتقت به أماني مطالبه ليترصّد الطعم، ثم زاد مطمعه إلى الفوائد من تلكم ليأتي العلم الحديث فيمدّه بمواضيع اشتقّت من داخله موضوع (الفيتامينات)، فزاد الشأن ليخرج لنا العلم الحديث (البروتين) وتعداد ما يحمل كل منها، وهلم جرّا.
وهنا يمسي التغير ليس عبثاً - خبط عشواء- ولا ترفاً يمطر على المرء دلالاً وتنعّماً! لكنه خاضع للتقييم، كي لا يلفى معوّقاً في طريق التطبيق.
نعم ليس المطلوب من النظام أن يتفق عليه الجميع (يُحقق رغبات الكل)، لكن لا بد أن يتصالح مع الغالب، ويصلَحَ مع مسارهم، فيُصلح من سيرهم - لا يكون معيقاً- وقد قيل في خضمّ هذه الجزئية - الأخيرة - (ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه).
وعلى هذا تنتدب المنظمات لجانا - تُفرغها- لتتدارس المعوّقات وبذات الوقت تقدّم الحلول، وتلك الحلول- أيضاً- تحت سنديان التجارب، مخافة أن تصدم مرة أخرى فتحارب، وهكذا دواليك تسير عملية التغيير.
وهنا لا بد من إجلاء أنه من فضول القول التنبيه إلى أن التغيير مهما طال يقف وقفة تقدير وتوقير للثوابت باحترام وإجلال، أعني تلك التي عليها اعتمادات ناصرات، فكلّ أمة لها جاثية..
وهنا أذكر لأحد الأعداء يوم أتى لعالم مسلم ليقترح عليه، أنه توصّل وشفقة بالمسلمين (.. وهو ثعلب بزيّ حمل) لتيسير أمرغال عليهم أن لديه فكرة تسهّل حفظ القرآن استبشر الشيخ بظاهر ما يقصد فقال - فكرته- حذف الآيات المكررة في القرآن، وهنا سيخفّ حمله على رامي حِفظه، فكان ردّ الشيخ عليه:
حسناً إذا (المكرر) يثقل فعلينا قطع المكرر من جسمك كي يخفّ عليك وزنك فلديك قدمان نقطع أحدهما ويدان عينان و... ف/ ولّى ذاك المأفون هارباً.