علي الخزيم
انطلقت منذ أيام خلت مبادرة (كات ووك) محلياً بالتزامن مع بدايتها خارجياً؛ إحدى مبادرات مؤسسة (كاتموسفير Catmosphere) التي أطلقتها سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2021، وهي منظمة غير ربحية بهدف الحفاظ على حياة القطط البرية (السنوريات) ومن بينها النمر العربي وحماية دورتها الحياتية الطبيعية، وتهدف المبادرة التي تنشط بعدد من مناطق المملكة لقطع مسافة تصل لسبعة كيلومترات لرفع الوعي بأهمية الحفاظ على القطط البرية المعرَّضة للانقراض، ودعم المبادرات الإقليمية والدولية بهذا الشأن وللتأكيد على أن رفاهيتنا الجماعية مترابطة مع الكائنات من حولنا، كما نظمت سفارة المملكة بباريس مسيرة مماثلة بحضور السفير السعودي والأميرة هيفاء آل مقرن المندوبة الدائمة للمملكة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وعدد من السفراء المعتمدين لدى فرنسا، ما يلفت إلى أهمية المبادرة وحرصها على حماية الحياة الفطرية وأهميتها لحياة الإنسان وصحته وسلامته من كثير من الآفات والأوبئة.
السعادة المستجلبة من سماع هذه الأنباء السارة تذكرنا بمأساة بعض الحيوانات التي تتعرض بين فينة وأخرى إلى التورط بحبائل المتربصين بها لصيدها ثم التهامها رغم أنها لم تكن مما يُعتاد أكله كالضبع والذئب والتمساح، ولم يسلم من أضراسهم حتى القنفذ والثعابين، ولا شك بدور المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية للتصدي لهم، بل إن البعض برحلاتهم تجاوزوا إلى اصطياد الزرافة وازدرادها بين شواء وطبخ، وهنا تكمن أهمية المبادرات لحماية الحياة الفطرية، إذ إننا أمام صنف من الهواة ممن لا يفرقون بين حيوان وآخر، فالمهم أنه مُكوَّن من لحم ودم وهو ما يكفي مبرراً لافتراسه والتهامه (الافتراس عند العرب: هو صيد الطريدة وقتلها)، وليس أكلها الذي يتبع ذلك، وكثير من المقاطع والصور والأخبار تثير الاهتمام والشفقة على الحيوانات البرية المبتعدة عن الإنسان تهيم على طبيعتها؛ غير أن الإنسان يأبى إلَّا أن يُلاحقها داخل بيئتها، فكانت حمايتها من الأعمال الواجبة نظراً لدورها في التوازن البيئي والإصحاح البيئي بشكل عام.
وهنا يمكن استذكار أنواع من الكائنات التي أدركت بقدرة الله سبحانه ما يحيط بها من مخاطر، فكان لها سلاحها ووسيلتها التي تدافع بها عن نفسها؛ وكمثال ففي سواحل مدينة حقل السعودية يُروى أن هناك سمكة تُسمَّى (الرقدة) تدافع عن نفسها بضراوة شديدة وقد تقضي على من يتعرض لعضتها فهي بمنزلة عقرب السمك تدفع السم المؤذي لمن يقترب منها، وتعيش بين الشعاب وتتشكل بألوانها للتمويه والاختفاء، وثمَّة حيوان يسمى (النِّيص) يشبه القنفذ لم يسلم من سكاكين وأضراس هواة البراري والرحلات؛ أو أنهم هواة أكل لحوم الحيوانات البريَّة النادرة، وهو ينتمي إلى فصيلة القوارض الثدييَّة، وتُغطّي جسمه أشواك حادة هي سلاحه ضد أعدائه من الحيوانات المُفترسة، وبات يستخدمها للحماية من المتربصين به وبغيره من المُغرمين بأكل اللحوم الحيوانية البرية، وكلما أطلق مجموعة من الأشواك تنبت مكانها أشواك جديدة، وطوله غالباً أقل من متر واحد، وفي الحياة الفطرية أسرار إلهيَّة عجيبة حق لنا أن نحافظ عليها.