تحدثت في مقال سابق عن الحكمة، سوف أعود لتناولها من جديد، الحكمة مختلف على تعريفها عند علماء تفسير القرآن، فهناك من يرى أنها المعرفة بالقرآن فقهه ونسخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه ومقدمه ومؤخره، وهناك من يرى أن الحكمة هي الإصابة في القول والفعل، ولقد جاءت آيات قرآنية كثيرة في عدة مواضع تشير إلى الحكمة سوف أستعرض بعضا منها بقول الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ، وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}، ويقول: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، ويقول: {لَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ أشْكُرْ لِلَّهِ، وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}، ويقول كذلك: {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ، وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}، كل هذه الآيات تتحدث عن الحكمة التي تعني في الحقيقة أنها الإصابة في القول والفعل بشكل عام، وهي مقدمة على العلم عندما يكون الخطاب موجها إلى البشر في بعض الآيات كالتي ذكرناها سابقاً، ولكن عندما يأتي ذكر الله فإن العلم مقدم على الحكمة، فالله جل جلاله وصفاته العلى يمتلك العلم والحكمة، قال تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا، إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}، ويقول تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، وهنا نلاحظ الفرق بين العلم والحكمة بالنسبة لله والبشر، فيهب الله بقدرته لبعض البشر الحكمة وبعض الآخر العلم الذي يمكن أن يكون نافعاً لمجتمع صغير أو للبشرية كافة، وهذا يشمل الأمور الدنيوية التي تساعد الناس في العيش في هذه الحياة.
نلاحظ هذا في كلمة اكتشاف من خلال التجارب التي مرت علينا في الكثير من الاكتشافات العلمية والطبية المختلفة، برز فيها علماء كثيرون، والتي كانت موجودة لا يعرف سرها إلا الله فوهب اكتشافها لبعض خلقه، وجعل منها طريقاً للتدبر والتفكر التي تخبر الخلق عن عظمة الله.