في 16 نوفمبر يحتفل العالم باليوم العالمي للتسامح، حيث دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 نوفمبر عام 1996 للاحتفال باليوم الدولي للتسامح، وذلك عن طريق توجيه أنشطة تدعم وتعزز فكرة التسامح للمؤسسات التعليمية ولعامة الأفراد، واتخذ هذا الإجراء عقب إعلان الجمعية العامة في 1993 سنة 1995 بوصفها سنة الأمم المتحدة للتسامح وفي 16 نوفمبر عام 1995 وتحديدًا في الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر العام لليونسكو في باريس، تبنت الدول الأعضاء إعلان المبادئ بشأن التسامح وخطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح.
ونرى أن ديباجة ميثاق الأمم المتحدة نصّت على التسامح كوسيلة لتحقيق غايات الميثاق «نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا في أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار»».
ماذا نقصد بالتسامح؟ التسامح يعني الاحترام والتقبل للاختلاف والتغاير الثقافي في العالم ويعني حرية التفكير والتعبير، التسامح لا يعني تخلي المرء عن ثقافته ومعتقداته بل على العكس فهو يدعم حرية الثقافة والمعتقد والرأي، والتسامح يعني الاعتراف بأن البشر مختلفون بطبعهم في المظهر والدين والعرق واللغة والسلوك والقيم والفكر، وبالتالي من حقهم جميعًا العيش في سلامٍ متمتعين بحقوقهم وحرياتهم أيًا كان دينهم أو عرقهم أو لونهم أو طبقتهم الاجتماعية ويمنع انتهاك حقوقهم بناءً على أسس عنصرية.
ما الآثار المترتبة على تحقيق التسامح؟ لا يخفى أن للتسامح أنواعًا متعددة منها التسامح الديني والعرقي والاجتماعي والفكري والثقافي والتسامح بكل أنواعه ضرورة أساسية لتمتع الفرد بالعدل وبحقوقه وحرياته الأساسية، ويساهم التسامح في إحلال ثقافة السلام بدلًا من الحرب، التسامح ليس مجرد واجب أخلاقي بل واجب قانوني وسياسي.
ويجب استئصال التعصب من جذوره كي نتمتع بالتسامح فلا يمكن تحقيق التسامح مع وجود تعصب أو عنصرية أو تمييز أيًا كان نوعه وذلك يبدأ من الوعي الفردي والحلول المحلية وصولًا وانتهاءً بالإجراءات الدولية.
ما موقف الشريعة الإسلامية من التسامح؟ لا شك أن شريعتنا الإسلامية الغرّاء تدعو إلى التسامح بمختلف أنواعه وأشكاله، بل هي من أكثر الشرائع التي تدعو للتسامح، ويبدو ذلك جليًّا العديد من الآيات الكريمة وفي سيرة النبي الكريم ومما يدل على التسامح الديني قوله تعالى: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ? [سورة الممتحنة: آية 8]
ويدل على التسامح العرقي (يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى) وغير ذلك الكثير من الشواهد التي تؤكد تسامح الشريعة الإسلامية.