يحتفل الجميع باليوم العالمي للصحة النفسية في كل عام في يوم 10 أكتوبر. وقد تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في عام 1992 بناءً على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية، وهي منظمة دولية للصحة النفسية ولها أعضاء وشركاء في أكثر من 150 دولة. ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى رفع مستوى الوعي بقضايا الصحة النفسية حول العالم، تقليل الوصمة المجتمعية، تكريس الجهود لدعم الصحة النفسية، وتوظيف الاستثمارات في الخدمات النفسية ووسائل الوقاية على حد سواء. الصحة النفسية جزء مهم لا يتجزأ من الصحة العامة، ولا تكتمل الصحة والارتقاء بجودة الحياة دون الصحة النفسية كما أن المرض النفسي يصيب كل المجتمعات بصرف النظر عن الثقافة والدين والموقع الجغرافي. وتشمل جودة الحياة؛ السلامة العاطفية، والنفسية، والاجتماعية التي تؤثّر في طريقة التفكير، والشعور، والعمل، والتواصل مع الآخرين. وتساعد سلامة الصحة النفسية على تحديد كيفية التعامل مع الإجهاد والضغوط، وتساعد على اتخاذ قرارات صحيحة في حياتنا. فالصحة النفسية مهمة في كل مرحلة من مراحل الحياة، من الطفولة والمراهقة وحتى مرحلة البلوغ والشيخوخة. ويعود سبب الاهتمام بالصحة النفسية وتكريس يوم عالمي لهذا الغرض للأسباب التالية؛ مشاكل الصحة النفسية هي أحد الأسباب الرئيسة لزيادة تأثير وعبء المرض العام في جميع أنحاء العالم، مشاكل الصحة العقلية والسلوكية مثل: الاكتئاب، والقلق، وتعاطي المخدرات، هي عوامل رئيسية للإعاقة في جميع أنحاء العالم، وتشير الأبحاث إلى أن 1 من كل 6 أشخاص يعانون من مشكلة نفسية شائعة قد تكون بسيطة وقد تكون شديدة ونتائج المسح السعودي للأمراض النفسية تدعم هذه الأحصاءات، إن ممارسة النشاط البدني وتمارين الاسترخاء، والابتعاد عن الضغوط، ومرافقة الأشخاص الإيجابيين، وطلب المساعدة عند الحاجة، يعزّز الصحة النفسية، ويرفع جودة الحياة. موضوع اليوم العالمي للصحة العقلية 2022، الذي حدده الاتحاد العالمي للصحة النفسية هو «جعل الصحة العقلية والرفاهية للجميع أولوية عالمية»، حيث يعمل الاتحاد العالمي على تعزيز الصحة العقلية لأكثر من 70 عامًا، يتم التعامل مع الصحة على قدم المساواة مع الصحة الجسدية.
لقد كان لجائحة كوفيد-19 أثر كبير على الصحة النفسية للناس. وقد تضرّرت بعض شرائح المجتمع أكثر من غيرها وشمل ذلك العاملين في الرعاية الصحية، والطلاب والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم وأولئك المصابين بحالات صحية نفسية. وفي الوقت ذاته تعطلت بشدة خدمات الصحة النفسية والعصبية والخدمات العلاجية للإدمان بأنواعه أثناء فترة الكورونا.
غير أن ثمة ما يدعو إلى التفاؤل، فأثناء انعقاد جمعية الصحة العالمية في أيار - مايو 2021، أقرّت الحكومات من جميع أقطار العالم بالحاجة إلى الارتقاء بنوعية خدمات الصحة النفسية على جميع المستويات. وقد ابتكرت بعض البلدان بالفعل سبلاً جديدة لتقديم رعاية الصحة النفسية لسكانها. ويقوم المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية في المملكة العربية السعودية بجهود كبيرة على عدة مستويات لنشر الوعي ودعم إيصال الخدمات لمن يحتاجها.
وقد قطعت الخدمات العلاجية والأبحاث في حقل الصحة النفسية خطوات عظيمة وخاصة خلال العقود الماضية. وابتعدنا عن أساليب الخزعبلات والشعوذة ولوم السحر والحسد والجن كمسببات للمرض النفسي إلى طرق علمية أدت إلى أساليب جديدة، فعَّالة في التشخيص والعلاج والنتيجة هي تخفيف المعاناة الإنسانية، ونظرة مختلفة لمن يعاني من الأمراض النفسية، واستحداث طرق ومدارس لتأهيل المرضى لكي يكونوا أفراداً منتجين ونشطين في مجتمعاتهم بعيداً عن التفكير فيهم كعبء ثقيل في حياة كل من حولهم.