لشاعر بني تميم الشاعر الكبير عبدالله بن علي بن صقيه - رحمه الله مكانته الكبيرة كأحد أبرز الشعراء على مستوى الخليج العربي وقصائده -من منظور نقدي- أكبر من التعريف بها ويحفظها رفاع الذائقة عن ظهر قلب لذا فإنني لست بصدد الحديث عنه - رحمه الله - بقدر تسليط الضوء على ما يميّز قصائده من أنفة وعزّة نفس وتكريس حضورها يُفعِّل نص مقولة- وبضدها تتميز الأشياء - بعيداً عن كثير من قصائد مع الأسف محتواها تسوّل لا يليق بتاريخ الشعر الشعبي الحافل بمكارم الأخلاق يقول في إحدى قصائده في - الجزء السابع - من دواوينه:
النذل مفطر والأجاويد صيّام
عصرٍ ترقّت بالنمايم لئامه
ومنها قوله:
يالايمي في ذم الأنذال ما نلام
اللوم يلحق كاسبين الملامه
خطو العرب بالمجتمع مثل الأنعام
فيهم سخافاتٍ وفيهم غشامه
وقد تخللت قصيدته العصماء الحكمة لتمرّسه في كافة تجارب جوانب الحياة المختلفة مما أفضى لتجسيده لفحواها الإيجابية شعراًَ:
ماطاب لك يالادمي ذاك مادام
لابد من قبرٍ وحيشٍ ظلامه
أو سبع أذرع فيها تكفن من الخام
وايحاسبك مولاك يوم القيامه
الدايم الله واحدٍ ما حدٍ دام
كلٍ مردّه لو بقى لانعدامه
وقد جاء فيها قوله:
ترى الجهل لبيوت الأجواد هدّام
يتيه دايم صاحبه بالمهامه
كم جاهلٍ حطّوه للسطح مرزام
ولا استفاد إلاّ العنا والندامه
لا يوهمك متغطرسٍ كنّه درام
الا تبخّنته لقيته فدامه
يا صاحبي لا يخدعك كبر الأجسام
مافاد بالخرتيت كبر الجسامه
المشتبه صاحي تحطه لك حزام
محزمك شيّال الفشق في حزامه
إلى أن قال:
الحر لامن شاف ما يكرهه شام
والبوم ماله نيةٍ عن هدامه
ياللي بسوق المجد للجود روّام
انذرك عن بيت الردى والرخامه
احرص على الدسمه إلا صرت سوّام
والا الهلامه ما تفيدك هلامه
خلّك على طرق الجزيلات سوّام
ما يكسب الهزلات من به شهامه
ويعرّي في قصيدة أخرى - رحمه الله - أصحاب المصالح متحدثاًَ بلسان حالهم بسخريته الهادفة وعمقه المعهود وهذا من أدوار الشعر الحقيقي في المجتمع لأن - الرصد أول خطوات العلاج - فيقول:
لا صار عندك مال كلٍ ترجّاك
أو كل ولو ما نال مدّك يراعيك
لو إنت مثل اللي ايعلّف تبعناك
نقولك لو ما تحدّثت لبيك
فإن قل مالك دون ذنبٍ بهتناك
نحط فيك من المعايب مالا فيك
بالسيئة نجزيك عن فعل حسناك
نجحد مروّاتك ونجحد حسانينك
وإلى عثرتا مانبالي وطيناك
ناطاك بالرجلين ما عندنا فيك
نعلن بحقرانك ونخفي مزاياك
إلى سمعنا سيرتك ماندانيك
إن صرت في منصب رفيعٍ خشيناك
كلّه علشان الوظيفه نخاويك
فإن خان بك شين الزمان وتوطّاك
ماحدن بقبرك لو هلكتا مواريك
رفقة طمع يمشي بها كل هكّاك
يومين والثالث على ماش جافيك
مفطر بغيرك عن قريب يتعشّاك
من خان في غيرك وعمته طمع فيك
ومنها قوله:
ما كل من حيّاك بالقلب يهواك
كم واحدٍ لو قدر ودّه يزلفيك
إن كان لك حقٍ بحوزه ترجّاك
وان صار لك حقٍ فلا هوب معفيك
وعن الاعتماد بعد الله سبحانه وتعالى على الذات لا الاتكال على مواقف الآخرين أياً كانت مكانتهم في النفس أو صلة قرابتهم يقول في قصيدة أخرى:
يا مشتكي منتاب الأول ولا التال
كلٍ بوقتك شايلٍ مثل شيلك
ما ينفعك بالضيق عمٍ ولا خال
ولا زميل أعمال ولا عديلك
القلب من بين المعاليق يجتال
يا منتظر ما أقسى نهارك وليلك
ومنها قوله:
اسفه جميع مكالمة كل جوّال
واحذر من اللي ما دريت يحبي لك
عدوّ أبوك أوصيك حطّه على البال
وخليل جدّانك صحيحٍ خليلك
ترى الجداد اليوم ماهي كالاسمال
يا وقت جديك ما بعده عن سهيلك
لا تامن الدنيا تراها أن الأهوال
تطول عليك الين تطوي طويلك
العمر مثل الفي لو طال زوّال
لابد من يومٍ يقرّب رحيلك
وعن اعتزازه بالرجال الكرام في مواقفهم الكبيرة وصفاتهم النبيلة يقول في إحدى قصائده:
أفتخر باللي تداريه عدوانه
الرخوم اللي تراخا ما ادانيها
ما الحرار اللي توالف كروّانه
الحرار اللي تنادا باساميها
** **
محمد بن عبدالعزيز السنيدي - محامي ومستشار قانوني