صيغة الشمري
قطاع الأغذية يعتبر من القطاعات المهمة التي تجد الدعم والاهتمام من القيادة الرشيدة، إذ لم نشهد أزمة غذاء في المملكة بفضل الاهتمام المستمر، ولاحظنا ذلك خلال أزمة جائحة كورونا التي تسببت بأزمة عالمية في هذا القطاع، ولكن بفضل الخطط الاستباقية للجهات ذات العلاقة على رأسها منظومة البيئة والمياه والزارعة، لم تتأثر المملكة بالجائحة وظلت سلاسل الإمداد قوية، كما لم تتأثر خلال الأزمة الروسية الأوكرانية التي عطلت نسبة كبيرة من سلاسل الإمداد العالمية، وبالنتيجة شهدنا ارتفاعات كبيرة في أسعار الغذاء حول العالم، ولكن بفضل الله، ثم بفضل الدعم الكبير الذي تقدمة الحكومة لهذا القطاع لم نلاحظ أي نقص في السلع الغذائية الاستراتيجية.
وعلى العكس تمامًا، حققت المملكة ناتجاً زراعياً بقيمة تجاوزت الـ 72 مليار ريال خلال العام الماضي، وهو الناتج الأعلى في تاريخ القطاع الزراعي في المملكة، إضافة إلى صدور موافقة كريمة بتخصيص حوالي 91 مليار ريال سيتم استثمارها لرفع المحتوى المحلي من كل المنتجات الغذائية، وكذلك هناك خطة توسعية في قطاع الدواجن تهدف إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن إلى 80 % بحلول 2025 كمرحلة أولى لتحقيق الأمن الغذائي، ستسهم في ضخ استثمارات جديدة في القطاع بقيمة تصل إلى 17 مليار ريال حتى 2025، ولتحقيق طاقة إنتاجية مستهدفة تقدر بنحو 1.3 مليون طن من الدجاج اللاحم سنويًّا، وتستهدف تحقيق الأمن الغذائي الوطني، وزيادة المساهمة في المحتوى المحلي، وتوفير فرص العمل.
كل هذه الخطط الجيدة أسهمت في تنبيه الشركات العالمية لقطاع الأغذية الواعد في المملكة، حيث تشكل مصانع المنتجات الغذائية أكثر من 14 % من إجمالي عدد المصانع في المملكة باستثمارات تقارب الت 90 مليار ريال، ولم تكن مفاجأة أن تعلن شركة التنمية الغذائية عن اكتمال صفقة استحواذ لشركة تايسون العالمية القابضة المدرجة في بورصة نيويورك والتي تعمل في مجال صناعة الأغذية، على حصة ملكية في شركتين تابعتين لها، وهما شركة التنمية الزراعية وشركة تصنيع الأغذية الممتازة، مقابل 75.4 مليون دولار أي ما يعادل 284.4 مليون ريال، وذلك بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية في منتجات الدواجن وصناعة الأغذية من خلال الاستثمار والتوسع في الأسواق محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
وهذا الاستحواذ يعكس الجهود الكبيرة التي تمت لجعل هذا القطاع جاذبًا للاستثمارات المحلية والعالمية، وعلى سبيل المثال هناك ميزة يقدمها صندوق التنمية الزراعية لشركات صناعة الدواجن الراغبة في التوسع، بتقديم قرض يصل إلى 70 % من التكلفة الاستثمارية عند استخدام التقنيات الحديثة، حيث تبلغ قروض الصندوق خلال هذا العام كما هو معلن حوالي 7 مليارات ريال، إضافة إلى تسهيلات كبيرة لهذا القطاع الذي يحقق اكتفاءً بنسبة 68 %. ولا شك أن التوسع في الاستثمارات ودخول شركات عملاقة لها وزن كبير على مستوى العالم كشركة «تايسون» للاستثمار في هذا القطاع، سيخلق ميزة تنافسية في هذه السوق الواعدة، وسيسهم في تحقيق الوفرة و الجودة العالية والأسعار المناسبة، وهذا بالضبط ما ينتظره الجميع، والمستفيد الأكبر هو المستهلك المحلي.