عبد الله سليمان الطليان
في الطفولة تبدأ عقلية الإنسان البيضاء في تلقي كل شيء من محيط الأسرة ومن خارجه, أقوال وأفعال وسلوكيات مختلفة, وتكون بطبيعة مرحلة الطفولة بريئة تميل إلى الفوضى ولا تتعامل مع الإيجابيات والسلبيات بشكل جاد، ومع تسارع الزمن والنمو شيئاً فشيئاً، والانتقال إلى مرحلة أخرى تبدأ تلك العقلية بتأثر بما تهواه النفس أو تميل إليه على نحو كبير، ولعل التملك هو الجزء الأهم والأكبر الذي يكاد يكون مهيمناً على هذه النفس عند جميع الناس، وهذا التملك يشمل المادي في كافة صوره والمعنوي الذي يعكس الشخصية في مظهرها و ثقافتها التي تحدد طريق تعاملها مع مجتمعها.
هذه الثقافة تشمل الدين والعلم والعادات والتقاليد، والتي تتفاوت في مدى الأهمية ونهم وشراهة الاستزادة التي تميل إليها النفس, المهم أنه سوف يكون هناك أحياناً تسيير قسري وفق الأفكار المكتسبة، والتي يمكن أن تكون ذات أثر سلبي على النفس قد يمتد إلى من حولها، من حيث تبني أفكار ذات أهداف مختلفة قد لا يدركها المتلقي بشكل يفتقد فيه إلى التمحيص والتدقيق الصحيح مما يؤدي أحياناً إلى تدمير النفس بفعل تسلط تلك الأفكار على نحو قهري، التي زاد وتير تدفقها على نحو كبير في عصرنا مع تطور وسائل الإعلام المختلفة, والتي لم يقتصر دورها على ذلك, بل امتد إلى تدمير النفس من الناحية الجسدية عبر الإعلان التجاري المختص بالدواء والطعام السريع والمصنع, واللذين نرى آثارهما في الأعراض الجانبية التي تكون في بعض منها خطيرة، تضعف المناعة مع الوقت بفعل التركيب الكيماوي و تؤدي أحياناً إلى امراض مزمنة ومستعصية.
فأيهما أشد خطراً على واقع المجتمع، هل هو في تلوث النفس بالأفكار السلبية المكتسبة التي تنشر الفوضى والخراب أو تلوثها بالدواء والطعام؟ تبقى الحقيقة أن كلاهما لهما تأثيرٌ بالغ ومدمر، ويمكن ملاحظة ذلك في البلدان الفقيرة.