محمد عبد الله الحمدان
في الأسبوع قبل الماضي من ندوة الأستاذ سعد بن ماضي الماضي الذي تاريخه 23-02-1442هـ 19-09-2022م، والذي وقد دار فيه نقاش حول نجد وصبا نجد، وأجاد الأستاذ عبدالعزيز بن محمد المفلح الجذالين في مداخلته عن ذلك، (وعلى فكرة لأبي محمد عدّة كتب، من ضمنها:
* الأفلاج.. كما رآها فيلبي.
* معجم المقرئين في محافظة الأفلاج.
* مدخل إلى فقه اللغة.
* وكتاب للدكتور عبدالله المفلح الجذالين عن قبيلة الكثران اللامية الطائية.
كما أن الأستاذ عبدالعزيز على وشك إنجاز كتابه (معجم الأفلاج) الذي ينتظره القرّاء المهتمون.
أعود -لو سمحتم- إلى نجد وصباه وشيحه وخزاماه فأقول وعمر السامعين يطول على طاعة الله إن من الكتب التي تحدّث مؤلفوها عن هذا الموضوع ما يلي:
1 - صبا نجد.. نجد في الشعر والنثر، صدرت الطبعة الأولى من كتابي هذا عام 1404هـ، أصدره النادي الأدبي بالرياض، ثم طبعه مؤلفه الطبعة الثالثة عام 1441هـ، وجاءت هذه في 446 صفحات.
2 - أجمل ما قاله الشعراء في نجد/ أ.د. عبدالملك بن علي الجنيدي الغامدي، صدرت الطبعة الأولى من الكتاب 1427هـ، كتب المؤلف مقدمة لكتابه في 9 صفحات.
جاء عنوان (نجد.. في اللغة) في 5 صفحات، ثم نجد المكان والموقع في صفحة واحدة، ثم توالت العناوين الكثيرة حتى صفحة 273، ثم أهم المراجع التي بلغت 33 مرجعاً، ختمها المؤلف بترحيبه بالتصويبات والاقتراحات لتنقيح الطبعة الثانية.
وهذا المؤلِّف:
* دكتوراه في الهندسة/ جامعة ميرلاند/ الولايات المتحدة 1995م.
* بروفيسور/ بكلية الهندسة/ جامعة الملك عبدالعزيز منذ 2005م.
* له أكثر من 50 بحثاً ودراسة هندسية وتعليمية، نشرت في مؤتمرات ومجلات عالمية.
* له 3 براءات اختراع مسجلة في الولايات المتحدة في مجال صناعة النفط.
* قلده الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسام الملك عبدالعزيز عام 2004م.
3 - نجد ومفاتنه الشعرية/ جمعه وأعدّه وعلّق عليه:
خالد بن محمد ا لخنين، تقديم أ.د. عبدالكريم اليافي الذي جاء في 24 صفحة، طبع عام 1413هـ، وجاء في 475 صفحة، ومقدمة المؤلف في 3 صفحات، ثم عنوان نجد في اللغة، وبعده حدود نجد.
يليه: نجد في الجغرافيا، ثم تبدأ أسماء الشعراء:
الرماح، مهيار الدليمي، جرير، ابن الخياط، الأبيوردي ... إلخ.
إلى آخر أسماء الشعراء التي بلغت 87 شاعراً.
يلي ذلك المصادر والمراجع وعددها 114.
4 - نجد وأصداء مفاتنه الشعرية:
تأليف:خالد بن محمد بن عبدالله الخنين.
وهو مؤلِّف الكتاب السابق (نجد ومفاتنه الشعرية)
وقال إن هذا المؤلَّف هو الطبعة الأولى بينما هو الطبعة الثانية التي ذكر المؤلف أنها الطبعة الأولى.
وهذا المؤلِّف كان الملحق الثقافي السعودي في سوريا.
وقال عن هذه الطبعة 1426هـ (حين بزغت خاطرة إعادتي لطبع كتابي (نجد ومفاتنه الشعرية) لإيفاء موضوعه ما هو خليق به من المعاني الجليلة صح منّي (الزعام) على إصداره أكثر غِنى وإخراجه أوسع شمولاً، (تبغّيت) منه أن يكون وعاء (أُتْرِعُه) اختيارات من الشعر العربي، قصيداً ومقطعات ... إلخ).
وأعاد المؤلف هنا كلمة (تقديم) د. عبدالكريم اليافي عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، رئيس مجمع العماد، أستاذ علم الجَمال في جامعة دمشق، وجاءت بعنوان (تصدير)، في 28 صفحة.
ثم جاءت كلمة المؤلف في هذه الطبعة في 14 صفحة، بعنوان: تقديم..(نجد وأصداء مفاتنه في الشعر، كتاباً ومنهجاً).
وقال في أثنائها (يبدو أن إقليم نجد قد استقام له من أفانين مقومات الفتنة في جمال الطبيعة ما لم يستقم لتلك البقاع الثلاث التي تقدم ذكرها: (صفد سمرقند، وغوطة دمشق، وشعب بوان) استيفاء وكمالاً وتنوّعاً وأشكالاً:
بطاح مبسوطة، جبال سامقة، وديان سحيقة، أجادع خصبة، فياف ومفازات مترامية الأطراف، واحات ظليلة، غدران، غابات.. فيها السدر والسليم والطلح والبان.. مرابع ورياض يعمها جميم النبت والزهر، تمر به نسمات الصبا فتحمل من نفح طيوب الشيح والخزامى والقيصوم والرند والبان عطراً.
(ولم يذكر المؤلف الرمال بجمالها وتكويناتها ونباتها)
ثم قال في كلمته تلك: استقامت لنا هذه الجمهرة الغنية العريضة من النصوص الشعريّة (759) نصّاً، وعدد الشعراء ناظميها (215) شاعراً، فرحنا نلتمس سبيلاً إلى جمعها وتيسير إيصالها إلى من يبتغي أن ينال منها سؤله).
هذا الكتاب -أيها السادة- جاء في 3 مجلّدات، صفحاتها: 2038، المصادر والمراجع 114 مصدراً ومرجعاً.
5- صبا نجد.. شعرية الحنين في النسيب العربي الكلاسيكي، تأليف البروفيسور روسلاف، مع مقدمة خصّ بها المؤلف الطبعة العربية.
ترجمة د. حسن البنا عزّ الدين عام 1435هـ، مع مقدّمة مطولة وتعليقات.
أصدر الكتاب مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وهو رقم 4 في الكتب المترجمة في مركز الملك فيصل.
مقدمة المترجم د. حسن البنا جاءت في 35 صفحة، ومقدمة المؤلف للطبعة العربية جاءت في صفحتين، وفي مقدمة المترجم ذكر كتابيْ (صبا نجد) وكتاب خالد بن محمد الخنين (نجد ومفاتنه الشعرية)، وظهر لي أن المترجم لم يطّلع على كتاب الخنين الطبعة الثانية ذات المجلّدات الثلاثة الذي عنوانه (نجد وأصداء مفاتنه الشعرية).
(أقوال)
وقد جاء بعض الأدباء والرحّالة بكلمات إعجاب بـ(نجد) وصباه وشيحه وخزاماه وهوائه العليل وربيعه الأخضر.. ومنهم:
- ابن بطوطة، آن بلنت، محمود شكري الألوسي، د. عبدالوهاب عزام، فؤاد شاكر، أحمد بن إبراهيم الغزّاوي، علي الطنطاوي، حمد بن محمد الجاسر، عبدالله بن محمد بن خميس، عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس، د. علي جواد الطاهر، د. محمد بن سعد بن حسين، مسلّم بن عبدالله المسلّم (عبدالعزيز بن محمد السالم) وغيرهم، وما قالوه موجود في كتابي (صبا نجد) (الصفحات (31 - 42)).
شعر... في نجد
والأشعار التي تغنّت بـ نجد وصباه وشيحه وخزاماه وهوائه العليل كثيرة، وأكتفي هنا بذكر بعضها:
أبرق بدا من جانب الغور لامع
أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع
ألا ليت شعري هل سليمى مقيمة
بوادي الحمى حيث المتيم والع
وجاء الشاعر بـ18 بيتاً بدأ كلاً منها بكلمة (وهل).
تعلقت ليلى وهي ذات دؤابة
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
ألا لبتنا كنا غزالين نرتعي
رياضاً من الحوذان في بلد قفر
4 - أبيات
فما وَجْدُ أعرابية قذفت بها
صروف النوى من حيث لم تك ظنّت
إذا ذكرت نجداً وطيب ترابه
وخيمة نجدٍ أعولت و أرنت
بأكثر مني حرقة وصبابة
إلى هضبات باللوى قد أظلّت
تمنّت أحاليب الرعاء وخيمة
بنجد فلم يقدر لها ما تمنّت
لها أَنَّة قبل العشار وأنَّة
سحير فلولا أنّتاها لجنّت
وقال أحمد بن الفقيه الهَمَذَاني (بفتح الميم):
(ويقول أهل اليمامة غلبنا أهل الأرض شرقها وغربها بخمس خصال:
1 - ليس في الدنيا أحسن ألواناً من نسائنا.
2 - ولا أطيب طعاماً من حنطتنا.
3 - ولا أشدّ حلاوة من تمرنا.
4 - ولا أعذب من مائنا.
فيا حبّذا نجد وطيب ترابه
إذا هضبته بالعشي هواضبه
وريح صبا نجدٍ إذا ما تَنسَّمت
ضحى أو سرت جنْح الظلام جَنائبهُ
بأجرع ممراع كأن رياحه
سحاب من الكافور، والمسك شائبه
الصمّة بن عبدالله القشيري:
أَقولُ لِصاحِبي وَالعيسُ تَهوي
بِنا بَينَ المُنيفَةِ فَالضِمارِ
تَمَتَّع مِن شَميمِ عَرارِ نَجدٍ
فَما بَعدَ العَشيَّةِ مِن عَرارِ
أَلا يا حَبَّذا نَفَحاتُ نَجد
وَرَيّا رَوضِهِ غِبَّ القُطارِ
وَأَهلُكَ إِذ يَحِلُّ الحَيَّ نَجداً
وَأَنتَ عَلى زَمانِكَ غَيرَ زارٍ
شُهورٌ يَنقَضينَ وَما شَعُرنا
بِأَنصافٍ لَهُنَّ وَلا سَرارِ
فَأَمّا لَيلُهُنَّ فَخَيرُ لَيلٍ
وَأَطوَلُ ما يَكونُ مِنَ النَهارِ
وقال أيضاً.. في قصيدته العينينة (50 بيتاً) التي قيل إنها من أشهر قصائد الغزل.. وها هي:
قفا ودعا نجداً ومن حل بالحمى
وقل لنجد عندنا ان يودعا
بنفسي تلك الارض ما أطيب الربى
وما أحسن المصطاف والمتربعا
واذكر ايام الحمى ثم انثني
على كبدي من خشية ان تصدعا
فليست عشيات الحمى برواجع
عليك ولكن خلّ عينيك تدمعا
ولما رأيت البشر أعرض دوننا
وحالت بنات الشوق يحنن نزعا
بكت عينى اليسرى فلما زجرتها
عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
وسرب بدت لي فيه بيض نواهد
اذا سمنهن الوصل امسين قطعا
مشين اطراد السيل هونا كأنما
تراهن بالأقدام اذا مسن ظلعا
كأنا خلقنا للنوى وكأنما
حرام على الأيام ان نتجمّعا
ذو الرمّة:
إذا هبّت الأرواح من نحو جانب
به أهل نجد هاج قلبي هبوبها
هوى تذرف العينان منه وإنما
هوى كل نفس حيث حل حبيبها
تماضر بنت مسعود بن عقبة أخي ذي الرمّة:
ألا حبذا ما بين حزوى وشارعٍ
وأنقاء سلمى من حزونٍ ومن سهل
لعمري لأصوات المكاكي بالضحى
وصوت صباً في حائط الرمث بالدحل
وصوت شمالٍ زعزعت بعد هدأةٍ
ألاءً وأسباطاً وأرطىً من الحبل
أحب إلينا من صياح دجاجةٍ
وديكٍ وصوت الريح في سعف النخل
فيا ليت شعري هل أبيتن ليلةً
بجمهور حزوى حيث ربّتني أهلي
يزيد بن الطثرية:
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد
فقد زادني مسراك وجداً على وجد
أئن هتفت ورقاء في رونق الضحى
على فنن غصن النبات من الرند
بكيت كما يبكي الحزين صبابة
وذبت من الحزن المبرح والجهد
وقد زعموا أن المحب إذا دنا
يملّ وأن النأي يشفي من الوجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد
يحيى بن طالب الحنفي من زعماء نجد، لحقه دين فهرب إلى خراسان، وجعل يتوجّد على نجد، ويبثّ أشواقه عبر قصائد.. منها:
أحقاً عباد اللَه أن لستُ ناظراً
إلى قَرقرَى يوماً وأعلامِها الغُبر
كأن فؤادي كُلّما مَرَّ رَاكبٌ
جَنَاحَا غُرابٍ رامَ نهضاً إلى وكرِ
أقول لموسى والدموعُ كَأَنَّها
جَدَاوِلُ ماءٍ في مساربها تجري
ألا هَل إلى شَيخٍ وابن ستين حِجَّةً
بكى طرباً نحو اليمامة من عُذرِ
إذا ارتحلت نحو اليمامة رِفقَةٌ
دَعاكَ الهَوَى واهتاجَ قلبُكَ للذِّكرِ
فواحزني مما أُجِنُّ من الهوى
ومن مُضمر الشوقِ الدَّخيلِ إلى حَجرِ
تَغَرَّبتُ عنها كارهاً وتركتها
وكان فِراقيها أمَرَّ من الصَّبرِ
وقال أيضاً:
أيا أَثلاتِ القاع من بطن تُوضِحِ
حنيني إلى أفيائِكُنَّ طويلُ
ويا أثلاتِ القاعِ قلبي مُوكلٌ
بكُنّ وجدوى خَيرِكُنَّ قليلُ
ويا أَثلاتِ القاع قد ملّ صحبتي
مسيري فهل في ظلكن مقيلُ
ويا أثلاتِ القاعِ ظاهرُ ما بَدا
بجسمي على ما في الفؤاد دَليلُ
ألا هل إلى شمِّ الخُزامى ونظرةٍ
إلى قرقَرى قبل الممات سبيلُ
فأشربَ من ماء الحُجَيلاءِ شربة
يُداوى بها قبل المماتِ عَلِيلُ
أُحَدِّثُ عنكِ النفسَ أن لستُ راجعاً
إليكِ فَحُزني في الفُؤاد دَخِيلُ
أريدُ انحداراً نحوها فَيَصُدَّنِي
إذا رُمتُهُ دَينٌ عليَّ ثَقيلُ
وقبل موته قال:
خليليّ عوجا بارك الله فيكما
على البرة العليا صدور الرواكب
وقولا إذا ما الضيف حل بنجوة
ألا في سبيل الله يحيى بن طالب
وهكذا قضى هذا الرجل بعيداً عن وطنه (قرقرى والحجيلاء والبرة العليا)، وكان عبدالله بن محمد بن خميس كتب مقالة عنوانها شيخ من اليمامة، ويقال إن إحدى قصائده غنّيت فبلغت الخليفة الرشيد فأمر بردّه وقضاء دينه فوجدوه قد مات.
وقيل:
تزوَّج تهامي نجدية فأخرجها إلى تهامة، فلمّا أصابها حرها قالت: ما فعلت ريح كانت تأتينا ونحن بنجد يقال لها الصِّبا، فقال: يحبسها هذان الجبلان، فأنشدت:
أيا جبلي نعمان بالله خليا
نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها
أجد بردها أو تشفّ مني حرارة
على كبد لم يبق إلا صميمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت
على نفس محزون تجلت همومها
ميسون بنت بحدل الكلبية
لبيت تخفق الأرواح فيه
أحب إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقرّ عيني
أحب اليّ من لبس الشفوف
وأكل كسيرة في كسر بيتي
أحب إليّ من أكل الرغيف
وأصوات الرياح بكل فج
أحب إلى من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطرّاق دوني
أحب إلي من قط أليف
وبكر يتبع الأظعان صعب
أحب الي من بعل زفوف
وخرق من بني عمي نحيف
أحب الي من علج عليف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
الي نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطني بديلا
وما أبهاه من وطن شريف
مناسبة القصيدة
لما تزوجها معاوية بن أبي سفيان، ونقلها معه من بادية بني كلب إلى عاصمة الخلافة دمشق، وأسكنها قصراً، فكانت دائمة الحنين والشوق إلى خيمتها وعباءتها ومسقط رأسها، وثقلت عليها الغربة والبعد عن قومها، فكانت إذا شكت قال لها معاوية: «إنك في ملك عظيم وما تدرين قدره». وقد سمعها ليلةً تنشد الشعر المتقدّم، فأرسلها إلى قومها، فولدت يزيداً في البادية.
وبعد.. أيها السادة فالقصائد والمقطعات في هذا الباب كثيرة، وشكراً لكم على تحمّلكم قراءة ما تقدم.
وفي أمان الله...
** **
- مكتبة قيس للكتب والجرائد القديمة والمخطوطات
WWW.ABU-GAIS.COM