أ.د.عبدالله بن أحمد الفيفي
أَمُرُّ عَلَى سِيْفِ نَهْرِ الخُلُوْدِ
وتَحْتَ الشُّجَيْراتِ يَجْرِي العَطَشْ
أَتَيْتُ تَزُفُّ سَفائِنَ رُوْحِي
نَوارِسُ شَقَّتْ عُبابَ الغَبَشْ
وطائِرُ شِعْرِي اعتَلَى سَرمَدًا
يُغَنِّيْ صَباحًا غَزِيْرًا أَبَشْ
«يَرِيْشُ ويبْرِيْ صُدُوْرَ القَوافِي
ولَيْسَ كَبَارٍ لَها لَمْ يَرِشْ»!(1)
* * *
يُفَتِّقُ بَيْنَ شِفَاهِ السَّعِيْرِ
مِنَ الماءِ نَهْدًا نَمِيْرَ النَّمَشْ
مَلاكًا حَرِيْرِيَّ بَوْحٍ هُنا
كَشَيْطَانِ بَوْحٍ هُناكَ أَجَشْ
جَناحَا سَماءٍ مِنَ الغَيْثِ ، حَفَّا
بِقَحْطِ السِّنِيْنِ الجَحِيْمِ ، فَرَشْ
سَمِعْتُ حَفِيْفَ الفَرادِيْسِ فِيْهِ
وحَوَّاءَ تَرْضَعُ ثَدْيَ الحَنَشْ
ومَنْ عاشَ يَسْمَعْ صَمُوْتَ السَّوَاهِي
ولا يَسْمَعُ الصَّمْتَ مَنْ لَمْ يَعِشْ
دَهَقْتُ النُّجُوْمَ بِخَمْرِ الدَّوالِي:
نَهارَ (ابنِ رُوْما) بِلَيْلِ (الحَبَشْ)
جَمالًا شَمالًا، كَمالًا جَنُوبًا،
فأُذْنِيْ استَهامَتْ، وطَرْفيْ جَمَشْ
* * *
أَمُرُّ عَلَى عُمْرِ نَهْرِ الفَنَاءِ
وتَحْتَ الشُّجَيْراتِ ظِلٌّ نَقَشْ
سِجِلًّا بِحُجَّاجِ (سُـوْقِ عُكـَاظٍ):
سَلامًا شِغَارًا، وحَرْبًا نَجَشْ
وَعَىْ كُلَّ قَلْبٍ يُقَبِّلُ كَلْبًا
حَكَى كُلَّ كَلْبٍ بِقَلْبٍ نَهَشْ
عِظامًا عَلَيْها تَناهَتْ عِظَامٌ
وأُخْرَى عَلَيْها تَمَشَّى المَشَشْ
* * *
أهذا كَهذا؟ تُرَى كُلَّ نَجْمٍ
عَلَى كَتْفِ صُبْحٍ كَنَجْمِ الجَدَشْ؟
لَطَاوُوْسُ حُسْنٍ أَمِيْرٍ غَدَا
كَطَاوُوْسِ قُبْحٍ بِأَرْضِي انْتَفَشْ
وما مِثْلُ هذَيْنِ رامَ (بِكَاسُو)
ولا رِئْيُ (دالِيْ) ارتَمَى فاعْتَكَشْ(2)
* * *
نُجُوْمَ الظَّهِيْرَةِ ، إِنْ لَمْ تُشاهِدْ،
فَشاهِدْ بِعَيْنَيْكِ نَجْمَيْ عَمَشْ
كَذَا الحَقُّ ، إِمَّا بِقَلْبٍ سَرَى،
تَبَطَّنَ في جَمْرِهِ وافْتَرَشْ
وصَارَ يَرَاهُ الَّذِي لا يَرَاهُ،
وإنْ صَدَّ عَنْهُ الفُؤَادَ وغَشْ
... ... ... ... ... ... ... ... ...
وتَعْمَى البَصائِرُ عَنْ كُلِّ شَمْسٍ
وتُبْصِرُ ما في عَماها انْغَطَشْ
وكَمْ في الطَّوَاوِيْسِ أَلْوَانِ طَيْفٍ
وزَيْفٍ ، وكَمْ غارِقٍ في الدَّهَشْ
** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ **
(1) البيت المضمَّن للأعشى (ميمون بن قيس)، مع بعض التعديل.
(2) عَكِشَ الشيءَ يَعْكَشُه، واعتَكَشَه: تلقَّفَه في الهواء فأمسكه. كذا في بعض اللهجات، ومنها لهجات جبال (فَيْفاء). ولهذا أصلٌ في العَرَبيَّة المدوَّنة: عن كُلِّ شَيْءٍ التَقَفَ شيئًا فالتزمَه. (انظر: الزبيدي، تاج العروس، (عكش)).
** **
- (الأستاذ بجامعة الملك سعود، بالرِّياض)