عبدالمحسن بن علي المطلق
.. "كلمة" تجدها في مبتدأ، أو كـ(توقيع) في خواتيم بعض ما تقرأ، يلتزم بإيرادها كل من يريد أن يوثّق ما يمدّك به (أو أمانة منه)في احالتها لأهلها(1)
والأخيرة منقبة له من ناحية، و من ناحية أخرى هي وقاية له من تبعاتها، كما سيأتي
- فقط يُمدح أو يقدح (2) يحسب عليه الاختيار-
و بالمناسبة فقد سبق لكاتب هذه الأسطر أن ذكر بهذا الملحق النفيس..جملة لأحمد بن حنبل -رحمه الله- (ثلاثة كُتب ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير) إسنادٌ صحيحٌ رواته أئمة ثقات
فالجملة -رواته أئمة ثقات- من أعالي نبعها مصبّ هذه الأسطر/
فـ(المنقول) هو مرام من سيجيبك ولو لم تسأله.. من أين المصدر، بالقول أن العُهدة على الراوي، بمعنى متداول عند الفقهاء(3) أن..( من أحال فقد أسند)
لكن.. أكرر لكن عليها من التبعات، أولاها
أن تنقل من ثُقات..
وأن لا تنقل ما يصطدم مع ثوابتك ولو كان من ثقات، ومثلها ما لا يتفق مع العقل
كما وتدع ذاك الذي يؤذي ( بواطنه)أُمتك او احبابك
فكم من خبر هو صحيح لكن في طيّه ما يؤلم- جراح المسلمين ببعض البلاد .. ما ليس بيدك دفعه و لا تستطع رفعه..
مؤذي، وقد يكون
فكم من مؤذي مؤذنٍ بفتح باب على قلب رهيفٍ.. أسيف(4) على حال الأمة، فعلام يا هذا تزيد عليه؟ و تذكّر حديث (.. مفاتيح للخير مغاليق للشرّ) في احتساب احتباسك بعض ما بلغك عن أُناس هم سادرون(5)
في بُعدٍ عن تلك المواطن، ولعل حالهم موافٍ لما قال به الحسن البصري - رحمه الله- عن بعض أحداث جرت فجرحت في ما سبق عهده أنها(تلكم فتن نجّى الله سناننا منها ف لنقي ألسنتنا منها).. أي من تبعاتها
وعلى كلّ ننبّـه أن ما كل منقول محمود، أيضا ما كل متروك مذموم ..
أما من سيلوم على فئام ظاهراً لا تتفاعل مع جراحٍ هنا أو هناك فحسب أن في دعاء المسلمين - و بالذات عوامهم - بعضهم لبعض ما يقوم مقام مؤونة مشاطرتهم على ما أصابهم
وعلى هذا فاحرص إن كنت ممن يحب - يحرص- على النقل، أن تنقل بعناية و مراعاة لمن تتحدث اليهم، ف.. علي رضي الله عنه نصح( لا تحدّثوا الناس بما لا يعقلون..) و كأنه يرمِ أن لا توردوا اليهم ما فوق قدرات عقولهم، أو ليس لهم طاقة ان يسمعوه، و خذ أبعادا من آية( رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ..) سطّر محمد الطنطاوي -رحمه الله - في تفسيره «الوسيط» معنى جميلاً: ( المؤمن عند ما يصل إلى هذه الدرجة من التقوى والصفاء يشعر بأن الله - تعالى- يحاسبه على ما لا حساب عليه، ويشعر بأن حسناته - مهما كثرت- فهي قليلة بجانب هفواته وسيئاته، فهو لشدة خشيته من الله يرجح جانب المؤاخذة على جانب العفو فيكثر من الضراعة والدعاء..)
وثم لكم من منقول -خبر -زلازل، أو محن.. تمرّ بأقوم توجع قلب المتلقي، والمسكين لا حول في رفعها، ولا قوّة في دفعها.. عنهم!، أو لكأن حال و حالة عصرنا محاكٍ لما تذلل الجواهري وهو ينظم:
غاضَ نبعُ (صفا)كنَّا نلوذ به
في الهاجرات..فيّروينا ويُصفينا
وتحديداً أرمِ لحوادث تجوب نشرات الأخبار عبر قنوات تبحث عن كل خبر مهما غار أو بعد مكانه..!
ثم فالموضوع ذا أبعاد، لكني حاولت ذكرها أو(حصرها) بما تقدّم، والله أعلى وأعلم.
** **
(1).. وربما قصد بهذه تخفيف ما قد تحوي (... أن تنسب له)!
(2) ألا.. يقال (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان)
(3) بُني عليه جُملة (ناقل الكفر ليس بكافر)..
(4) وهو القريب الدمعة - من يخلط حديثه ببكاء-
(5) وانتبه من نص (من قال هلك الناس، فهو أهلكهم).. فقد يطالك شيء من هذا التوبيخ.