الثقافية حاورها - أحمد الجروان:
غادة المهنا أبا الخيل، المرأة التي استطاعت أن تستنطق تاريخ الجزيرة العربية، لتعبر منه إلى تفاصيل ثرية تحكيها تلك الصور التي تعكس جوانب اجتماعية وثقافية لأبناء وبنات هذا الوطن، فأخذت على عاتقها إبراز الصورة المشرقة لوطنها على الصعيد الخارجي.
وهي مستشارة ذات خبرة في الربط بين السياسة والإعلام والثقافة، ومستشارة لعدد من المؤسسات الثقافية، وهي متخصصة في تحديد العناصر التي تساعد في حفظ وإعادة سرد القصص من المملكة خاصة ومن شبه الجزيرة العربية عامة، إلى جانب شغفها بالتاريخ والإعلام، هي توظف منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها لعرض الصور القديمة والمواد المماثلة الأخرى من جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية لتشجيع التبادل الثقافي وتوفير مساحة للنقاش، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة الأمير سلطان والماجستير من جامعة متشغن آن اربور في القانون، وحالياً تدرس الماجستير في الأنثروبولوجيا المرئية والإعلامية في برلين..وتستضيفها الجزيرة الثقافية اليوم من أجل الحديث عن عدة محاور فإلى نص الحوار.
* هل كان لديك اهتمام بمجال الصورة في طفولتك؟
نعم، لطالما كنت مفتونة بالصور. لكن لأكون صريحة، لم يستهويني التقاط الصور - بل كنت مهتمةً أكثر بالعملية التقنية (تحميض الصور وغيرها) وكنت أحب النظر إلى الصور وجمعها من هنا وهناك.
* ما هو تأثير مراحلك التعليمية الأولى، على تخصصك في القانون؟
إذا كنت تقصد من حيث ما درسته قبل القانون، فأنا لا أعتقد أنه كان هناك الكثير من التأثير. جاءت رغبتي في دراسة القانون من قناعاتي بمفهوم العدالة - كنت شابة، وشعرت أنه يمكنني إحداث فرق.
* كيف تنظرين إلى تأثير الأنثروبولوجيا البصرية في المتلقين عمومًا؟
توفر الأنثروبولوجيا بشكل عام إمكانية دراسة كل جانب من جوانب الوجود البشري. يمنحنا فرصة لطرح الأسئلة على أنفسنا - للتساؤل عن ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. لا يساعدنا هذا الفهم على التواصل مع العالم من حولنا فحسب، بل يساعدنا أيضًا في الحفاظ على الثقافة ومراقبتها.
عندما نتحدث عن الأنثروبولوجيا المرئية، فهي مجرد خطوة إلى الأمام في المحتوى المرئي الذي يوثق ميزات وسلوكيات المجتمعات المحددة. نحن نعيش في عالم حيث يوجد تدفق مستمر للمعلومات المقدمة من خلال المحتوى المرئي - والتساؤل والسؤال عما يفعله هذا المحتوى للمجتمع أمر مهم. لهذا السبب لا يمكن قياس التأثيرات بسهولة - فهي تخضع للمراقبة والدراسة. لهذا السبب أعتقد أنه يجب إجراء بحث مستمر على المحتوى المرئي.
* بلاشك أن وجودك في برلين غير نمط حياتك، إلى أي مدى تقبلت هذا التغيير؟
لا شك في ذلك. دائمًا ما يكون العيش في مكان مختلف فرصة لاختبار نفسك، ولتغيير السلوكيات التي لم تكن تعلم أنك بحاجة إلى تغييرها. قبول الأشياء التي لا يمكنك تغييرها. أفضل ما في الأمر هو أن تتاح لك الفرصة لإعادة اكتشاف نفسك.. ويا لها من رحلة مثيرة!
* كيف وجدت المجتمع الألماني وما مدى تقبلهم للآخر؟
أعتقد أن هذا سؤال واسع جدًا - يمكن أن تكون تفاعلاتي مختلفة عن تفاعلات شخص آخر، وبالتالي من غير الممكن إعطاء إجابة مباشرة على هذا السؤال. إن الحكم على مجتمع كامل أمر صعب، إضافة إلى أنه غير عادل.
في كل مجتمع نجد الإيجابيات والسلبيات وكل ذلك يعتمد على التجربة الشخصية المباشرة. ما قد نقرأه أو نراه على الأرجح ليس هي الحقيقة الكاملة.
لكن للإجابة من وجهة نظري الخاصة، أجد أولئك الذين قابلتهم أشخاصًا مثيرين للاهتمام، مليئين بالفضول وتقدير للقيم الاجتماعية. هناك احترام لاختلاف الآراء وازدراء لخطاب الكراهية. يسافرون كثيرًا لاكتشاف العالم من حولهم، بدلاً من الترفيه.
* اهتمامك بالتأثير الذي تتركه الصورة ظاهر في موقع التواصل الاجتماعي تويتير، فما هو سبب التفاعل الحيوي الذي تتركه الصورة؟
أعتقد أنها مجرد ردة فعل بأبسط أشكالها. لا أكثر أو أقل.
* هل تقرئين في الرواية؟
بالطبع. أعتقد أن القراءة عمومًا هي تغذية للروح - وقراءة قصص الآخرين أمر جميل، لأنها مشاهدة عقل شخص ما إبداعي يتكشف وإعطاء وجهات نظر مختلفة للحياة.
* اذكري لنا بيت شعر تطربين له؟
بعد الانتقال إلى ألمانيا، وبداية عملي، أصبحت هذه الأبيات الشعرية لقيس بن الملوح قريبة جدًا مني. أشعر به في محتوى أجده: في كل صورة أراها، وفي كل فيديو أشاهده، وفي كل كتاب أقرأه.
أَحِنُّ إِذا رَأَيتُ جِمالَ قَومي
وَأَبكي إِن سَمِعتُ لَها حَنينا
سَقى الغَيثُ المَجيدُ بِلادَ قَومي
وَإِن خَلَتِ الدِيارُ وَإِن بَلينا
عَلى نَجدٍ وَساكِنِ أَرضِ نَجدٍ
تَحِيّاتٌ يَرُحنَ وَيَغتَدينا
* تعيشين الآن تجربة الدراسة، كيف تقيّمين هذه التجربة؟
بصراحة، بينت لي أنني نسيت كيف أن أكون طالبة. كانت شهادتي الأخيرة في عام 2016م، لذا فقد مرت فترة. التوفيق بين الحياة والتزامات العمل والمدرسة تحدٍ ممتع.
* إلى أي مدى يمكن أن يتقبل الفرد ثقافة الآخر؟
الأمر كله يتعلق بالعقلية. إذا كانت عقليتك لا تقبل أبدًا شخصًا خارجيًا أو ثقافته، فلن تقبله أبدًا مهما حاولت. لكن كلما على الشخص هو التراجع إلى الوراء، والنظر إلى الأمر كما يلي: أنا إنسان، وهذه هي تجربتي التي صغتها من بيئتي وهذا هو ما أصبحت عليه بسبب هذه العناصر المحيطة بي - هذه هي هويتي. فكيف هي تجربة إنسان آخر؟ هل تغيرت بعض العناصر لهم؟ ما هي بيئتهم؟ وغيرها من الأسئلة.
في نهاية اليوم، كلنا بشر. وفي أبسط أشكالنا، نشترك في الكثير. بغض النظر عن الثقافة التي أتينا منها، نفهم جميعًا: الحب والألم والخسارة وكل هذه المشاعر التي تجعلنا إنسًا.
* ما هي مشروعاتك العلمية القادمة؟
شخصياً لدي فضول بالعالم الافتراضي. آمل أن أتمكن من خلال دراستي من التعمق في فهم كيفية تجاوز الثقافة للعالم الواقعي ودخوله بالعالم الافتراضي. ما زلت أتعلم الكثير، لذا لست متأكدة مما إذا كان هناك سؤال أو بيان واضح يمكنني الإدلاء به. لكن بشكل عام، لا تزال جميع مشاريعي تدور حول الإبداع الثقافي البصري والمحافظة عليه.