د. إبراهيم الشمسان أبو أوس
تستعمل (ما) في اللغة لأغراض مختلفة، منها الاستفهام نحو قوله تعالى (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى) [17-طه]، ومن الاستفهام بها عن مفعول الفعل (عدا): «ما عدا مما بدا. قاله علي رضي الله عنه لبعض أصحابه، وقد تخلف عنه يوم الجمل، ومعناه ما ظهر منك من التخلف بعد ما ظهر منك من التقدم في الطاعة»(1).
وتأتي (ما) نافية نحو قوله تعالى ( وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ )[102-البقرة]، ومن دخولها على الفعل (عدا) نافية «لَو كَانَ عِنْده كنز النَّطِف مَا عدا»(2). و»لله أبوه، ما عدا ما في نفسي»(3). أي لم يجاوز ما في نفسي.
وتأتي (ما) اسمًا موصولًا، نحو «وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ»(4)، ومن مجيئها موصولة بعدا «لم ينج من الطير مَا لم يقصر فِي طيرانه فَكيف بِمَا قصر وَلم ينج من الْوَحْش مَا عدا فَدخل الآجام واستتر بالأدغال»(5).
ومن استعمالها موصولة بعدا «واستعينوا على عفافكم بالقصد في كلّ ما عدا عليكم»(6)، وقوله «ويسلّم مفاتح ما عدا عليه من فتوحنا»(7). ومن ذلك «وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا عَدَا عَلَى الْمُحْرِمِ وَابْتَدَأَهُ بِالْأَذَى فَجَائِزٌ لَهُ قَتْلُهُ»(8).
وتكون شرطية مثل: ما عدا عليك وحش فاقتله.
وقد تكون (ما) مزيدة على ما قبلها نحو قول عمران بن حطان:
ولى نفسٌ أقولُ لها إذا ما
تُنازعني لَعَلّى أو عَسانِى(9)
ومن مجيء (عدا) بعد (إذا ما) قول طفيل:
إذا ما عدا لم يسقط الروع رمحه
ولم يشهد الهيجا بألوث معصم(10)
ومثل عدا (خلا) تقع (ما) قبلها لمعان منها المصدرية مثل «وإذا مات زوج البكر بعد ما خلا بها قبل أن يدخل بها تزوج كما تزوج الأبكار»(11).
وتكون اسمًا موصولًا مثل «ولولا ما خلا به من معاقرة العقار، وتمسك بأسبابه من قضاء الأوطار، لملأ ذكره البلاد»(12). ومثل «وحرم تعاطي ما خلا منه»(13). ومثل «فأمَّا ما خَلَا منَ الاستعارةِ من الكلامِ الفصيح البليغِ، فلا يَعْرِض توهُّمُ ذلك فيه لعاقلٍ أصْلاً»(14)، وتكون شرطية مثل: ما خلا بيت فبعه.
وتكون نافية مثل «والعلم الذي ما خلا به بابه من طلب: إمّا لهدى وإمّا لكرم»(13). ومثل «(مَا أَقْفَرَ بيتٌ فِيهِ خَلٌّ) أَيْ مَا خَلَا مِنَ الْإِدَامِ وَلَا عَدِمَ أهلهُ الأُدْم»(14).
وتكون زائدة بعد (إذا) مثل:
«وربُّ الحِجى والفضلِ والعلمِ والتقى
إذا ما خَلا منه فذاك أبو جهلِ»(14)
** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ ** ** _ **
(1) التمثيل والمحاضرة، ص: 39.
(2) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، ص: 140.
(3) ربيع الأبرار ونصوص الأخيار، 2/ 152.
(4) مسند أحمد (ط الرسالة)، 29/ 180.
(5) شرح ديوان المتنبي للعكبري، 3/ 315.
(6) ابن حمدون، التذكرة الحمدونية، 1/ 346.
(7)النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، 7/ 200.
(8) الجصاص، أحكام القرآن، 2/ 586.
(9)سيبويه، الكتاب، 2: 375.
(10)أبوعبيد البكري، سمط اللآلي، 1: 955.
(11) الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية، 1/ 290.
(12)ابن بسام، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، 4/ 556.
(13)المهراني، تحرير الفتاوى، 1/ 704.
(14)الجرجاني،«دلائل الإعجاز ت شاكر» (1/ 403):
(13)القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، 10/ 185.
(14)النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 89):
(14)المحبي، نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة» (1/ 237 بترقيم الشاملة آليا):
** **
الأستاذ في قسم اللغة العربية - كلية الآداب - جامعة الملك سعود